- نعم، أستعيذ بالله من شر العيون الخضر، فهي سبب بلائي في هذا الوجود. ثم ماذا يا ظمياء؟
- ثم عرضت تلك السيدة أن تصحبنا لزيارة معالم القاهرة وقالت إن زوجها أستاذ في الأزهر وأنه ينتظرها عند المعلم حسين الجريسي. ونظرت فرأيت ليلى تمشي وهي نَشوى من الانشراح كأنها تلمح من وراء الغيب أعلام الأمل المرموق.
وما هي إلا لحظات حتى كنا في حضرة شيخ جليل اسمه الشيخ دعّاس.
- الشيخ دعّاس؟
- نعم يا سيدي، الشيخ دعاس، وهو الذي أنجب أحمد وإبراهيم وجلبي وسيد ومحمود، وهم زينة الرجال في بلاد النيل.
- رضي الله عنهم أجمعين، ثم ماذا؟
- ثم تعلل ذلك الشيخ بضيق الوقت، ودعانا إلى تناول القهوة في منزله، فركبنا سيارته ومضينا إلى داره في حيّ الزمالك. ولما دخلنا أبصرنا فتاة هي قيد العيون، بل قيد القلوب، اسمها درية، فسألنا عنها فعرفنا أنها ابنة الشيخ دعّاس، وابنة السيدة نجلاء، ونظرت ليلى إلى تلك الفتاة فلم ترى عينيها خضراوين، وإنما رأت عيونها عسلية، وهو اللون الغالب على عيون المصريات، وهو لون ينطق عن السحر الحرام والحلال.
- اتق الأدب يا ظمياء، فأنت في حضرة طبيب!
- الطبيب يسمع كل شيء!
- أمنت وصدقت!
- ومضت درية تباغم أمها باللغة الفرنسية. فسألت عنها فقيل إنها تلميذة بمعهد الليسيه.
(وهنا أجهدت ذاكرتي لأعرف من هي تلك التلميذة، ثم تذكرت أنني لم أتصل بمعهد الليسيه إلا في سنة ١٩٢٨ والحمد لله على ذلك، فما يسرني أن تكون تلميذاتي محوراً لأمثال هذه الأحاديث).
- نعم يا ظمياء.
- وبدا لليلى أن تسأل عن السر في اختلاف ألوان العيون، فأجابت السيدة نجلاء بأن درية