فالنهر يجد كل يوم عملاً، وهو يندفع إلى الغاية بين الحقول والقرى، ولكن مجراه المستمر يهفو نحو قدميك ليغسلهما.
والزهر يتأرّج فيملأ الهواء عطراً شذيّاً، غير أن غايته إن يقدم نفسه إليك.
إن الاندفاع في عبادتك لن يجدب العالم.
ومن نفثات الشعراء خذ ما يحلو لهم، ولكنك ما تزال غرضهم الاسمي الذي إليه يشيرون.
- ٧٥ -
وعلى مر الأيام، أفتسمح لي - يا إله الحياة - أن أقف بازائك وجهاً لوجه؟ وفي خضوعي وذلتي، أفأقف بازائك - يا إله الكون - وجهاً لوجه؟
وتحت سمائك العظيمة، في وجدتي وسكوني وذلة قلبي، أفأقف بازائك وجهاً لوجه؟
وفي دنياك الصاخبة وهي تضطرب بالكد والتناحر، وبين الزمر المتدافعة، أفأقف بازائك وجهاً لوجه؟
وحين ينتهي عملي في هذه الدنيا أفأقف - يا ملك الملوك - وحيداً صامتاً وجهاً لوجه؟
- ٧٦ -
لقد عرفتك إلهاً لي ثم تنحيت جانباً. . . فأنا لم أعرفك أخاً فأندفع إليك، ولا أباً فأنحني أمام قدميك، ولا صديقاً فأشد على يديك.
ولم أقف حيث أراك تهبط فتهدي نفسك إلي، فأضمك إلى صدري وأتخذك رفيقاً.
إنك أخ بين أخوتي غير أني لا أعيرهم انتباهاً، فأنا لا أقسم بينكم حبي، ولكني أخصك بجميع قلبي.
في حالي نعيمي وبؤسي لا أسكن إلى رجل بل أعتمد عليك أنت. إنني لأنزوي وفي نفسي أن أنزع عني ثوب الحياة لأنني لا أريد أن أغتمر في خضمها.
- ٧٧ -
في بدء الكون، والكواكب تسطع - أول ما سطعت - في تألق، اجتمع الآلهة في السماء، وانطلقوا يغنون (أوه، ما أجمل صورة الكمال! ما ألذ الطرب المحض!).
وعلى حين فجأة دوّى صوت من بينهم (إنه ليخيل إليّ أن هناك نقصاً. إن إحدى حلقات