فانقطع وتر القيثارة الذهبي، وأمسكوا جميعاً عن الغناء؛ ثم صاحوا في فزع (نعم، إن الكوكب المفقود أشد الكواكب لمعاناً، لقد كان زينة السماء!).
وراحوا - منذ ذلك الحين - يفتشون عنه في دأب ونشاط، وغمرتهم الصيحة، ففقدت الدنيا - في ثناياها - بهجتها الوحيدة!
وفي هدأة الليل وسكونه تبادلت الكواكب الابتسامات والهمسات (عبثاً تفتشون! إن الكمال التام فوق كل شيء!).
- ٧٨ -
ليست غاية جهدي أن ألقاك على الأرض، فإذا أريد أن أستشعر - دائماً - فقد النظر إليك. . . ولكن لا تمح ذكراك من قلبي لحظة واحدة، ثم ذرني أحمل آلام الحزن لفقدك في غفلتي وفي يقظتي.
وحين أقضي أيامي بين الحشد في سوق الحياة فتمتلئ يداي بالكسب، استلبني من نشوة الربح؛ ولا تمح ذكراك من قلبي لحظة واحدة، ثم ذرني أحمل آلام الحزن لفقدك في غفلتي وفي يقظتي.
وحين أجلس على جانب الطريق أستجم من أثر الأين والبُهر، فأنشر فراشي على الثرى؛ ألقِ في روعي أن رحلتي ما تزال طويلة؛ ولا تمح ذكراك من قلبي لحظة واحدة، ثم ذرني أحمل آلام الحزن لفقدك في غفلتي وفي يقظتي.
وحين تتزيّن حجراتي وتتصاعد أنغام القيثارة وترتفع رنات الضحك، دعني أشعر كأنني لم أدعك إلى داري. . . ولا تمح ذكراك من قلبي لحظة واحدة، ثم ذرني أحمل آلام الحزن لفقدك في غفلتي وفي يقظتي.
- ٧٩ -
أنا كأنني نُثار سحابة خريف تضطرب عبثاً في أرجاء السماء؛ آه، إن شمسي دائماً تتألق! إن لمساتك لم تحولني إلى بخار فأكون شعاعاً منك يحصي عدد الشهور والسنين التي تنفصل عنك.