للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعد إلى جرأة الأسد وإلى منتهى إقدامه.

إنك لجد ثقيلة في أغواري أيتها الفكرة ولسوف أجد يوماً قوة الأسد وأتخذ لصوتي زئيره فأرفعك من الغور إلى المنبسط، حتى إذا ما تغلبت بذلك على نفسي تدرجت إلى انتصار أعظم أختم به أعمالي. وإلى أن أبلغ هذا الظفر سأبقى تائهاً على بحار لا أعرف لها ساحلاً تداعبني خطرات الأحداث فأتلفت إلى ما ورائي وإلى ما أمامي ولا أعلم أين المنتهى.

ألم تحن بعد ساعة جهادي الأخير أم هي ماثلة أمامي الآن؟ والحق أن البحر والحياة يحيطان بي بجمالهما الفتان ويعلقان أبصارهما علي.

فيا لعصر حياتي، يا للسعادة تتقدم ساعة المساء، يا للمرسى في وسط العباب، يا للسكون في قلب الارتياب، إنني أحاذركنّ ولا أثق بكنّ جميعاً.

أما والحق إنني أخشى جمالكن الغدار كما يخشى العاشق ابتسامة تجاوزت حد التلطف في افترارها. إنني أرفع عني ساعة السعادة كالغيور يصد عن محبوبته ولما يزل العطف يتجلى في قسوته وجفائه.

بُعداً لك أيتها الساعة السعيدة! فقد اجتاحتني بحلولك غبطة قاسرة وأنا أتوقع أعمق الأحزان. لقد جئتني في غير الأوان.

بُعداً لك أيتها الساعة السعيدة! اذهبي واطلبي لك ملجأ هنالك في مقر أبنائي، سارعي إليهم وباركيهم قبل حلول المساء وأنيليهم سعادتي.

لقد اقترب الغسق وجنحت الشمس إلى الغروب فتوارت عني سعادتي.

هكذا تكلم زارا. . .

وبات يتوقع نزول شقائه به طوال ليله، غير أنه انتظر عبثاً إذ بقى الليل منيراً ساكناً واستمرت السعادة تخطو مع الساعات مقتربة إليه. وما لاح الفجر حتى بدا زارا يتضاحك قائلاً:

إن السعادة تتأثرني لأنني لا أتأثر النساء، وهل السعادة إلا امرأة؟

قبل بزوغ الشمس

أيتها السماء الرافعة قبابها فوق رأسي نقية صافية، أيتها السماء السحيقة وقد غادرت في أبعادك الأنوار، إنني أشخص إليك فتمتلكني رعشة الأشواق الإلهية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>