للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رأي الميكانيكية هو وجود بعض الحوادث التي لا يمكن أن تنعكس، فلو كانت ميكانيكية لانعكست. فالشمس مثلاً تشرق من الشرق وتغرب في الغرب فهذه لا يمكن أن تنعكس؛ وهذا دليل واضح على وجود قوة تحركها في هذا الاتجاه. وقد انتقد (ليبينز) رأي ديكارت فقال: إذا قبلنا أن الامتداد يجوز أن يكون فيه حركة أو سكون، فلو فرضنا جسماً مثل (ج) تحرك في هذا الامتداد وصادف جسماً آخر (ب) في حالة السكون، فهذا الأخير لا يبقى ثابتاً بل يتحرك، ولكن حركته ليست نفس حركة (ج) بل يقاومه بكتلة، وهذه الكتلة تنقص من سرعة الجسم (ج). نستنتج من ذلك أن الامتداد والحركة ليسا كافيين، ولو كانا كافيين لما كان يجب أن ينقص من سرعة (ج) وحركته.

إذن يوجد في المادة شيء غير الحركة والامتداد وهو القدرة المدخرة التي هي عبارة عن قوة تتصف بها الأجسام ولا يمكن الاستغناء عنها فهي قوة كامنة تسمى (الموناد فهي جوهر روحي تتكون من الأجسام وبواسطته يمكن تعليل المقاومة.

أما كل من دافع عن نظرية القدرة فإنه يستبدل أجزاء الآتوم بالقدرة وهي الحقيقة الجوهرية الكامنة في قلب كل الأشياء. فقد قال (أوسفالد): عندما نصاب بعصا فبماذا نشعر، أبا العصا أم بالقدرة؟ بالطبع نشعر بالقدرة التي هي الشيء الإيجابي الثابت الموجود في كل الأشياء. وهي ليست واحدة في جميع الأجسام؛ بل تتصف بأشياء مختلفة متناسبة مع شخصياتها وخواصها النوعية. والصعوبة في ذلك هي أن قوة تصدر هذه القدرة هل هي مركبة من عناصر بسيطة بقوة الإرادة كما يظن (هوكسلي على أن القدرة الفعالة لا يمكن أن تعتبر إلا كحالة شعورية فقط؛ وهذا يمكن أن يظهر غريباً. ولكن إذا حاول الإنسان أن يهتم بما يفهمه عن القوى المتجهة الواحدة منها نحو الأخرى يرى أنه يدركهما كأنهما يتحركان الواحد نحو الآخر بسرعة ما. وعند ذلك لا يتصور إلا الحركة تاركاً القوة جانباً. وأما أن يتصور كل جزء كأنه مصحوب بشيء يشابه حالته كحالة الإرادة وهو يعلم هذه الجهة. ونحن نشك أن صعوبة التفكير بالقوة شيء غير مقابل بالإرادة. فليبيز إذن يقترب من الحلول الأخيرة عن طبيعة المادة.

(انتهى بحث المادة)

دمشق

<<  <  ج:
ص:  >  >>