هذا الافتئات باقياً إلى اليوم بعد أن تحررت برامج التعليم من القيود التي كانت تحول في الماضي دون تقديم العربية على سواها.
إن تعليم اللغات الأجنبية الحية من العناصر الجوهرية في تكوين الثقافات الحديثة؛ ولا شك أن الإنكليزية والفرنسية من أهم اللغات الثقافية، ولكن الذي نرجوه هو ألا يبقى هذا العنصر الأجنبي كما كان في الماضي أداة للغزو الثقافي والمعنوي على حساب اللغة القومية، وأن يقتصر الأمر فيه على الاغتراف من مناهل الثقافة والعرفان.
هل كانت الفيوم منزل شعب في العصر الحجري
عثر المنقبون أخيراً في بقعة أثرية على مقربة من بحيرة قارون بمديرية الفيوم على جمجمة بشرية قديمة جداً. وقد عرضت هذه الجمجمة على العلامة الدكتور دري أستاذ التشريح بكلية الطب المصرية، فقرر بعد الفحص أنها لرجل بالغ، ويغلب علي الظن أنه كان ضعيف العقل نظراً لصغر حجمها عن الطبيعي. على أن هذا الفحص التشريحي ليس أهم ما في الموضوع، وإنما هو القيمة الأثرية؛ فقد عرفت هذه البقعة المجاورة لبحيرة قارون بأنها كانت وطن شعب مصري قديم يرجع إلى آلاف السنين قبل الميلاد. ووجد فيها العلماء المنقبون ولا سيما العلامة الألماني يونكر كثيراً من الآثار التي تدل على أن هذه البقعة قد عرفت العصر الحجري. ودلّ فحص الجمجمة المشار إليها من الوجهة الأثرية على أنها لإنسان عاش منذ نحو ثمانية آلاف عام. فإذا صح ذلك فأن علم الآثار المصرية يخطو خطوة جديدة نحو معرفة التاريخ المصري القديم. ذلك لأن قدم الوثائق الفرعونية التي عثر علها ترجع إلى نحو ثلاثة آلاف عام قبل المسيح أي إلى خمسة آلاف عام؛ ولكن هذه اللقطة الجديدة إذا عززت ببعض آثار أخرى توجد في نفس المنطقة وتماثلها في القدم، قد توجه أنظار الباحثين إلى مرحلة أقدم جداً من تاريخ مصر الفرعونية.
هذا وقد أحال الدكتور دري هذه المسألة إلى العلامة في الأجناس الدكتور تيودور منود مدير متحف التاريخ الطبيعي بباريس، فأجاب بأن خواص الفلين في الجمجمة المشار إليها توجد الآن عند كثير من فصائل الزنوج في أفريقية الشمالية، وفي الصحراء الكبرى. وتاريخ هذا الإنسان مجهول، ويوجد بين القبائل المغربية قبائل تحمل جماجمها بعض هذه الخواص.