أي والله، فراقي صعب، يا ليلى، وفراقك أصعب. فمتى يكون اللقاء؟
وأويت إلى فراشي في ليلة باردة لم يدفئها غير الذكريات. ثم خرجت مبكراً في الصباح فرأيت بغداد تموج بالحديث عن ليلى والدكتور زكي مبارك وانتخاب مجلس النواب
أعوذ بالله!
ثم سألت فعلمت أن مجلة الرسالة نشرت كلمة عن ليلى المريضة في العراق، فتذكرت الخطاب الخاص الذي أرسلته إلى الأستاذ الزيات منذ أسابيع. وما أتهم هذا الصديق بسوء النية في نشر ذلك الخطاب، فهو رجل عاش سنين في بغداد ولم ير ليلى بعينيه، فهو يحب أن يراها مع قرائه بأذنيه، تأسياً بقول الشريف الرضي:
فاتني أن أرى الديار بطرفي ... فلعلي أرى الديار بسمعي
ومضى يوم، ويوم، وأيام، وأنا طعمة الألسنة والعيون في كل مكان
وكانت فرصة تذكرت فيها ما جنيت على نفسي في السنين الخوالي، فقد كنت عدو نفسي من حيث لا أريد. أنا الطبيب الذي أضاعه الأدب فلم يبق أمامه غير احتراف الصحافة والتعليم. ولولا جناية الأدب لكنت اليوم عميد كلية الطب بالجامعة المصرية، وأنا عند المنصفين أعرف بالطب من العميد المعروف
تذكرت وتذكرت. . .
تذكرت العيادة التي أقمتها في الزمالك مع زميلي الدكتور أديب نشوان، وهي عيادة كان يُرجَى أن تكون مضرب المثل في عالم الطب، ولكن مقالاتي في جريدة البلاغ جنت علي فلم يعد أحد يصدق أنني طبيب
وتذكرت مجلة (طبيب القلوب) وكانت والله مجلة لطيفة، ولكني تفلسفت في الدراسات النفسية، ثم ما زلت أوغل في التفلسف حتى حسبني القراء من العابثين؛ وعطلت المجلة، ولا تزال إلى اليوم في نزاع حول ما تراكم عليها من ديون
وقد نجا زميلي بجلده، وكيف لا ينجو وهو جبان! وبقيت أنا أضع الدينار بجانب الدينار لأتخلص مما جناه قلمي البليغ!
يرحمك الله يا أبي! فكم نصحتني ولم أنتصح! كم قلت إن الطبيب لا يليق به أن يتحدث في