للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تعلق عليها مصر أهمية خاصة باعتبارها في مقدمة دول العالم التي تنتج القطن وتعتمد في مواردها على تصريف محصوله. وقد كانت مصر دائماً عضواً بارزاً في مؤتمرات القطن الدولية وكانت لها في هذه المؤتمرات جهود مشكورة في التنويه بأحوال الزراعة القطنية وتجاربها العلمية وآفاقها وتصنيف محاصيلها. ولا يقل مؤتمر اللاسلكي عن سابقه أهمية لأن مصر أصبحت بعد تقدم اللاسلكي من أهم المراكز العالمية للمواصلات الأثيرية، وتشترك معظم الدول الكبرى في كلا المؤتمرين

محاضرة عن فلوبير بالقاهرة

ألقى العلامة الفرنسي الأستاذ هنري جيلمان نزيل مصر الآن، بدعوة من كلية الآداب، في قاعة الجمعية الجغرافية الملكية، محاضرة شائقة عن الكاتب القصصي الفرنسي الكبير جوستاف فلوبير، قدم فيها عنه لسامعيه صورة مؤثرة؛ وذكر أن فلوبير إنما يدرس في كتابات شبابه وما خلفه منها بعد موته، وأنك تجد فلوبير في أطوار حياته شخصاً يبدو في ألوان مختلفة. وقد مرض فلوبير في حداثته مرضاً عصبياً خطيراً حول مجرى حياته إلى ناحية لم يكن يتوقعها، فلم يفكر في أن ينشئ له حياة أو مدرسة، ولكنه جنح إلى التفكير العميق، وانتهى إلى اعتناق المبادئ التي جعلت منه شخصية مدهشة. وخلاصتها احتقار الوصول إلى الغايات الشخصية ورفض استخدام المواهب لتحصيل الربح المادي، وتخصيص الحياة للفن (العقيم) ومجانبة هذا المجتمع وهذا العالم. ومن ثم كان فلوبير يصور في كتبه هذا العالم بطريقة يترك الحكم عليها لقارئه، ولا يتدخل هو للتأثير فيه

على أن فلوبير لم يستطع أن يحرص على هذا المثل دائماً، فقد خرقه في حياته مرتين: الأولى بسبب امرأة هي لويز كوليه، والثانية بسبب محاولة الحصول على النجاح. بيد أنه لم يكن محباً مستسلماً، ولم تملكه المرأة إلا ردحاً ضئيلاً وانتهى بينهما كل شيء في سنة ١٧٥٥؛ ولم يمض طويل على ذلك حتى اضطر فلوبير أن يسعى إلى المال والشهرة لكي يتدارك النكبة المالية التي أصابت ابن أخته، فتقدم إلى المسرح بقطعته (المرشح) ولكنه لقي خيبة أمل؛ فارتد إلى عمله وكتاباته التي كانت تلخص كلها في وصف الحياة البشرية، وكانت (مدام بوفاري) و (التربية العاطفية) و (القلب الساذج) من أروع ما كتب في هذا الميدان

<<  <  ج:
ص:  >  >>