الله أن يحفظ عبده الفاروق لإعلاء كلمته وإعزاز دينه
وأخذت كل طائفة تروض ألسنتها على النداء والدعاء وأعينها شواخص إلى شرفات القصر ونوافذه
لعل الملك يخرج من هذا الباب يا فرحات! أظنه يطل من هذا الشباك يا مسعود! ربما يخرج إلى الميدان مع المشايخ فيعرض (الأشاير)
ثم انعقدت الألسنة وعُلقت الأنفاس واتجهت الأنظار بجاذب خفي إلى الشرفة. وهنالك تجلى ملك الناس للناس!! فهل رأيت البحر إذا مار به الإعصار، أو الغابة إذا رجفت بها العاصفة؟ لقد أصيب القوم بما أصيب به الكليم يوم الجبل، فوقعوا في بُحران من الحماسة السَّكرى لا يملكون غير حناجر تصيح، وشفاه تدمدم، وأذرع تلوِّح، وأكفٍ تصفق
تلك حال القروي الذي زعموا أنه بات ليلة القدر سهران يقلب طرفه في النجوم يرصد (الطاقة) أن تنفتح فيطلب إلى الله الغنىَ والعمر؛ فلما جاءت الساعة المرقوبة وانشقت السماء عن كوة من النور تلتهب التهاب البوتقة، التمس لسانه فلم يجده، فانطلق يعوي عواء الذئب حتى ثاب إلى نفسه فارتد من العواء إلى البكاء.
وجلال الفاروق قبس من جلالة السماء، وفيض من قداسة الأنبياء، فهل تقوى على بَهَره عين، وهل يثبت على سحره فؤاد؟