بالذكاء؛ لأنه يدلس. . . ولكن يؤمن بالطبع لأنه صريح. . .
يريد أن يعلم الناس كيف يحبون؛ وهم يرونه ميتاً. . . فأين الملتقى؟!
يقول لهم: لا تأكلوا الثُّفل. . . والحروف. . . والحجارة. . . واكتفوا بالعصارة والمعنى والروح؛ فيقولون له: أنت تمضغ ماء وهواء. . .!
يا رحمتاه هذا ما دام حيَّا. . . فإذا مات فوا رحمتاه للناس!
إن هذا وأمثاله هم أعضاء الإنسانية وأوتادها. من أجلهم وجدت على الأرض، وإن نارهم موُقدة من القبس الخالد الذي أضيئت به السماوات وقام عليه صلاح العالم
يكفي أن أنظر إلى واحد من هؤلاء حتى أهتدي إلى نفسي الضائعة، فأجدها تحت ركام من ضجة الدنيا. . . فأقول لها: تعالي وارمضي لفائف صدرك في هذه النار المشبوبة في هذا الرجل المحترق المضيء وتطهري بها وارجعي إليّ. . .
ولقد وجدت واحداً منهم وعشت معه سنتين، رأيت على ضوئه كل شيء في موضعه الحقيقي من الدنيا، فحملني على احترام الإنسان والثقة بما فيه من عالم طاهر مؤنس إذا صُفى جوهره من الخبث والشوائب بهذه النار
بل لقد حملني على احتقار أكثر القوالب الإنسانية التي تملأ الأسواق والشوارع. . . وجعلني أدور دورة (ديوجين) بمصباحه وأنشد مع القائل:
ما أكثر الناس! لا بل ما أقلهم! ... الله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأفتح عيني حين أفتحها ... على كثير ولكن لا أرى أحدا
أو مع المتنبي: (أرى أناساً ومحصولي على غنم!)
أو مع الآخر:
لا تعجبنْكَ الثياب والصور ... تسعة أعشار من ترى بقر!
في خشب السرو منهمُ مَثَل ... له رُواء وما له ثمر
ويا ويلي من الإنسان! إنه يشغلني دائماً بصوره التي لا عداد لها كلما رأيت وجهاً له. . . وأقسم غير حانث أني لا أعرفه ولا أدركه، رغم خبري به في هويتي ودمي وصورتي! وإن نفسي التي بين جنبي ي القفل والغَلَق الذي حال بيني وبينه حتى عييت وبئست. . .
بل يا ويلي من نفسي واحتكاكها بما وراء الحياة الظاهرة والصور والأشخاص والمواد. . .