لما تعلمت الغطس؛ ذلك لأن مخاوفك تصبح غير قابلة للقهر. ولكن لو أنك تشبثت وداومت على القيام بغطسات مؤلمة خرقاء غير لبقة، لأمكنك الغطس بهدوء ونعومة، والصعود مرتاح الفكر ناعم البال. ولقد كنت في طريقك إلى أن تصبح غطاساً ماهراً
تلك هي السيكولوجية الأساسية للتغلب على الخوف، واكتساب الثقة والإيمان بكل ناحية من نواحي الحياة؛ وليس ثمة مفر من هذه الطريقة. يتحتم علينا، بين آونة وأخرى، أن نخوض جدول الحياة ونغوص فيه، فنضيف نصراً إلى نصر، وننتقل من فتح إلى فتح، متغلبين على ما يعترض سبيلنا من مخاوف وأوهام، الواحد بعد الآخر. وكما قال امرش: افعل الشيء الذي تخاف منه فان موت الخوف محقق. والواقع أن مخاوفنا هي القوى التي تكوننا حين نعالجها بشدة وحزم، وهي التي تحطمنا إذا ما عولجت بالتردد والحيرة والتواني والتعقل
سألني شاب منذ مدة غير طويلة أن أقترح له بعض أعمال صعبة يقوم بها، وقال لي: (إن كتابك يوصي بالتمرن على الرقص وكرة السلة أو بعض المباريات الرياضية والبردج وحفلات السمر والألعاب، ويقول بأن على الإنسان أن يعمل حتى الأشياء التي ينفر منها ويبغضها؛ على أنني لم أكن أكرهها وأنفر منها فحسب، بل كنت أخاف من القيام بها. بيد أنني عزمت على تجربتها. فمر عليّ ردح من الزمن الرهيب كنت أشعر فيه بالبؤس والتعاسة وأعاني فيه عناء كبيراً وعذاباً مريعاً؛ ولكن سرعان ما زالت مخاوفي واستعدت نشاطي وانكببت على هذه المشروعات الجديدة. والواقع أنني أتمتع بحياة جديدة تضفي على نفسي ألواناً من الهناء والصفاء حتى بت أخشى أن أميل إلى حياة الراحة والترف. وأود منك أن تخبرني ببعض الأعمال التي أجد في القيام بها مشقة حقيقية.
إن هذا الشاب تعلم درس استخدام مخاوفه كواسطة للفوز والانتصار والهناء والمرح البهيج. واتجه إلى حياة أوسع نشاطاً وأغزر حيوية من الناحيتين الحيوية والفكرية
والخطوة الأولى في التغلب على الخوف هي أحياناً عملية بسيطة أولية جداً. أتذكر شاباً غمرته المخاوف إلى حد كلما كان يتمكن من الكلام بصوت مسموع. كان يعمل في مصرف كبير ويعرف اثني عشر رجلاً في دائرته، إلا أنه عندما كان يذهب إلى مكتبه لا يحيي أحداً. فاقترحنا عليه أن يبدأ بتحية رفاقه من صميم قلبه قائلاً: صباح الخير، إبراهيم، يا