وخلصت نفسه، ينطبع على الحياة التي يريدها وكأنها حياته التي تعودها حياته، ويفنى في البيئة التي يلابسها فإذا هو صورة قوية رائعة لما فيها من الألوان والمظاهر، ويخضع حواسه في الانفعال للفكرة يريد تنفيذها فينجلي لك صادق الإحساس صحيح الغرض، وهذا هو السر في أنك ترى الكاتب أو الشاعر يدرج بين صخور البادية وعلى أشواكها فتلمح في أسلوبه وتفكيره الشدة والجفوة، ثم ينتقل إلى مطارف الحضارة فإذا به هين لين مذلل الفكر يجري أسلوبه في مثل رقة الماء والهواء. وهذا هو السر أيضاً في أنك ترى الكاتب أو الشاعر يحدثك مثلاً عن البؤس فيجيد الحديث على أنه ليس ببائس، ويقول في النسيب والغزل فيملك عليك نفسك مع أنه ليس بغزل ولا محب، فكيف بذلك الأديب أو الشاعر إذا كان صادق العاطفة، خالص الرغبة، صافي النفس والروح كهيكل في حياته الجدية؛ لاشك أنه يكون شيئاً كبيراً، ويكون أثره أثراً قوياً رائعاً كهيكل (في منزل الوحي)
وأما بعد فقد أطلت على القارئ، ولنا وقفة أخرى مع (هيكل) في منزل الوحي سيرى القراء فيها لوناً طلياً من ألوان الفكر الروحي الذي يحترم العقل ويمجد الحق