كل هذا يتغير إذا نجحت طريقة المجددين في الزراعة العلمية واستطاعت الأمم أن تعيش على مواردها الداخلية كما يقول الدكتور ويلكوكس في كتابه الذي أشرنا إليه
كل هذا يتغير، ويتغير معه تقسيم المجتمع وتقسيم الثروة وتقسيم عناصر الحكومة وتقسيم عوامل السياسة وما يتبعها من أهبة الحرب وأهبة الفتح وأهبة (التحالف) من جهة، والتعادى والتباغض من جهة أخرى
لا خامات في الخارج فلا مستعمرات، ولا أسواق في الخارج فلا منافسات، ولا احتكار فلا تكديس للثروة ولا نزاع بين العاملين وأصحاب رؤوس الأموال، ولا تسليح من ثم ولا توجيه للمصانع إلى غير المفيد من صناعات العمار والإنشاء دون التدمير والتقويض. وإذا احتاجت الأمم إلى بعض الخامات أو بعض الأسواق، فإنما يكون ذلك في أمان واستقرار وتعاون واشتراك على النحو الذي يجري به البيع والشراء بين الأفراد، أو على النحو الذي يجري به التبادل بين جماعات التعاون ولا سيما في بلاد الشمال ونعني بها بلاد الدنمرك والسويد والنرويج
ذلك مجمل الدعوة التي يبشر بها المجددون في علم الزراعة والمشفقون على بني الإنسان من أهوال الحروب
والمذهب معقول في أصوله وفروعه. ولو أنه مشكوك في مقدماته أو في نتائجه لكان مع ذلك جديراً بالبحث والمتابعة والجد في تحقيق ما يستطاع من خيراته وحسناته، لأن متابعة الأحلام قد تجوز إذا عظمت الغاية وعظم الخطر المرهوب. وأي غاية أعظم من اتقاء الحروب؟ وأي خطر أعظم من خطر الفجائع التي تطبق على الشعوب المسوقة إلى تلك الحروب؟
إن متابعة الأحلام قد تجوز في هذا المقام، فكيف بالبحوث العلمية وكيف بالوقائع والأرقام؟