للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

خمري، أنا لا أدخل هذا البيت في هذه الأنوار وكل سكانه يعرفون أنك رجل وحيد

- نعم، أنا رجل وحيد

- وحيد، أعني تعيش وحدك

- مفهوم، يا ألأم النساء في بغداد

- إيش لون؟

- لا شيء، أقول إنه لا موجب لهذا التخوف، فأنا طبيب ليلى وأنت وصيفة ليلى

- اسمع يا دكتور، أنا أثق بأمانتك، وليلى لم تنهني عن التودد إليك، ولكني لا أقبل أن أكون مضغة الألسنة في هذا الخان

- ومن الذي سيعرف مثلاً أنك ظمياء؟

- يجب أن تفهم أنك في بغداد!

- باسم الله الحفيظ!

- أسمع يا دكتور! يظهر أنك رجل طيب أكثر مما يجب. إن التعرض لأقوال الناس كالتعرض لأقوال الجرائد؛ وربما كان كلام الجرائد أسلم عاقبة من كلام الناس، لأنك تستطيع أن تكذب ما تنشر الجرائد من الباطل فتدفع ما تؤذيك به من بهتان؛ أما كلام الناس فلا سبيل إلى دفعه لأنه ينتقل من أذن إلى أذن ومن لسان إلى لسان، ثم لا تمضي غير أيام حتى يأكل لحمك المفترون، ويأثم بسببك الأبرياء

- وماذا أصنع يا ظمياء؟

- ارحل عن هذا البيت

- وكيف بعد أن تكلف صاحبه ما تكلف في تبديد الظلمات؟

- اختلق سبباً من الأسباب

- أختلق؟!

- الاختلاق مما يجوز في بعض الأحيان

وعندئذ تذكرت أن الأستاذ بهجة الأثري كان اقترح على صاحب البيت أن ينظم الحمام ولم يفعل؛ فطمأنْتُ ظمياء. ومضيت فقضيت معها السهرة في بيت أمها، وهو منزل صغير في درب ضيق لم أسأل عن أسمه، وهو درب يشبه ما يسمونه في مصر: شق الثعبان

<<  <  ج:
ص:  >  >>