للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

اذكرني عند ربك، وقل إن في سكان الأرض ناساً يحفظون الجميل!

وقضيت تلك الليلة وأنا مؤرق الجفون؛ وزاد في الغم والحزن أن الوهم خيل إليّ أن صادق عنبر قد يكون مات بسبب ليلى، مع أن ليلاه خيالية، فكيف يكون مصيري وليلاي امرأة رخيمة الصوت ساحرة العينين تقيم بشارع العباس بن الأحنف في بغداد؟!

وفكرت ثم فكرت، والشجون من جملة الأرزاق!

ولكن وقع حادث طريف خفف ذلك البلاء:

فقد صمم سعادة وكيل وزارة المعارف العراقية أن يزورني في منزلي ليؤدي واجب التحية لرجل هجر وطنه وأهله ليتشرف بخدمة الأدب العربي في العراق؛ وكانت زيارته في الليل، فراعه أن يرى الظلام يغمر السلالم والدهاليز، فاستشاط غضباً وقال: كيف يجوز لصاحب هذا المنزل وهو عضو بمجلس النواب أن يهمل الإضاءة الواجبة، وهو يعلم أن من سكان منزله صاحب النثر الفني؟ سأعرف كيف أحاسب ذلك النائب وكيف أقهره على تعميم النور في دهاليز ذلك البيت؟

فقلت وأنا أتخوف العواقب: أنا مطمئن إلى هذا الظلام يا سعادة الأستاذ!

فقال: وأنا أخشى أن تشكونا إلى مجلة الرسالة أو جريدة البلاغ ولم يمض يومان حتى نفذ النائب المحترم ما أراد سعادة الوكيل؛ ولكن ظمياء استرابت بهذه الأنوار ورفضت دخول البيت!

- ماذا تخافين يا ظمياء؟

- أخاف الأقاويل والأراجيف

- من المفهوم أنك وصيفة ليلى، وأني طبيب ليلى

- هذا كلام لا يصدقه غير المطلعين على ما جرى في هذا الشأن من المخابرات بين الحكومة العراقية والحكومة المصرية

- والجمهور؟

- أترى الجمهور يصدق حقيقة أنك جئت لمداواة ليلى المريضة في العراق؟

- خبر أسود!

- خبر أسود، خبر أبيض، خبر بنفسجي، خبر عنابي، خبر برتقالي، خبر بني، خبر

<<  <  ج:
ص:  >  >>