للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بهوى امرأة تحمل هذا الاسم الجميل؟!

إن أحزاني لا تحملها الجبال، ولكن الله بعباده رؤوف رحيم؛ فهو يسوق إليّ موجبات الأبتسام، أنا الرجل الحزين الذي لم يعرف قلبه الفرح منذ سنين، وكيف أفرح وقد طلبني أبي يوم موته أكثر من خمسين مرة فلم أكد أصل إليه حتى بكته النائحات؟

انتظرت ظمياء في المنزل الجديد وأنا محزون، وأشهد أني مُكره على تأدية هذه الخدمة الوجدانية، فما أعرف كيف يصير حالي مع ليلى، ولعلها تُعافَى ويمرض الطبيب!

ودخلت ظمياء وهي تُرغي وتُزبد

- هل عرفت ما صنعت المرأة جميلة؟

- ماذا صنعت؟

- لقد مزقت قمصانك بعد أن غسلتها وكوتها

- عجيب! ولماذا؟

- لأنها قرأت في مجلة الرسالة أن أسمها جميلة، واسمها الحقيقي هو. . .

وعندئذ ضحكت ضحكة قوية كادت تمحو سطور الأحزان من القلب العميد

إن تلك المرأة لم تعرف إحساني إليها بتلك التسمية، فقد خلعت عليها اسماً أحبه أصدق الحب، ورحمتها من الاسم الذي كانت تحمله، لأنه يقربها من شيخ أبغضه أشد البغض، ويكفي أن يكون أسمها واسمه مبدوءين بحرف الحاء

تلك امرأة حمقاءّ! ولكني لن أنسى معروفها عندي، فقد كانت أول امرأة خدمتني في بغداد. ولو رآها الجاحظ لصاغ لها عقود الثناء

- ظمياء

- نعم يا مولاي

- لا أريد أن أسمع اسم هذه المرأة مرة ثانية، ولا أحب أن أراها بعد أن مزقت قمصاني

- وأنا أكره لسيدي الطبيب أن يتصل بهذه المرأة فقد بدأت تغتابه منذ يومين

- تغتابني؟ وما عساها أن تقول؟

- تقول إنك تحب ليلى

- أنا أحب ليلى؟ وهل جننت حتى أحب امرأة عليلة لا تملك من شواهد الحياة غير صوت

<<  <  ج:
ص:  >  >>