نفس اللحظة التي تمت هزيمتنا فيها. . . وعلة ذلك كثرة من قتل من رجالنا، وقلة الأيدي التي لم يكن يسعها أن تُعمل المدافع كلها لنحوز النصر. . .
(وهكذا شاءت المقادير أن أكون مرة أخرى في قبضة الفرنسيين. . . ولشد ما فزعنا أن يرسى بنا ثانية في برست، إذن ما كان جزاؤنا إلا القتل هناك. . . ولكننا رسونا في ميناء أخرى، فنجونا. . . وقد نسيت أن أذكر لك أنني فقدت إحدى ساقيّ، وأربعاً من أصابعي، وأصبت بأربعة جروح كبيرة في هذا القتال الهائل. . . أواه يا سيدي؟! أواه لو أسعدني الحظ فكنت قد فقدت هذه الساق وتلك الأصابع فوق بارجة من بوارج الوطن. . .؟! إذن لكفلتني الحكومة، وحبست على معاشاً كاملاً طوال الحياة. . . ولكن. . .! ما حيلتي؟ إن من الناس من يولد وفي فمه ملعقة من فضة، وإن منهم من يولد وفي فمه مغرفة من خشب. . .!! على أنه مهما يكن من أمري، فأني أحمد الله القدير الذي حباني عافية وصحة، ووهبني النعيم والحرية ورزقني محبة بلادي. . . بلادي ذات المجد. . . إنجلترا. . . إنجلترا الأم. . . عاشت إنجلترا!)
ثم مضى عني، وغادرني في حيرة من رضاه بما هو فيه، وتسليمه الجميل لما صنع الله!! حقاً. . . إن التمرس بالبؤس يعلمنا كيف نستهين به، أضعاف ما تعلمنا ذلك الفلسفة!!