وكأن كل إجادة قد دهورت ... من عقلهم في بؤرة الأوضار
فكأنما أذهانهم بالوعة ... أخفت نفيس الدر في الأغوار
كل يلوذ بإثْرَةٍ ويخالها ال ... إيثار بئس مزيف الإيثار
ففعاله ومقاله وسكوته ... للؤم لا فضلاً وحسن جوار
دأبوا على إخفاء حق مالهم ... في حجبه من مكسب ونضار
لؤم لعمرك لا مدى لصياله ... وضؤولة تحدو لسفل قرار
الطيش أغلب للتأمل فيهم ... حتى لدى العظماء والأخيار
سبق اللسان حصاتهم فكأنما ... سكر العقار لهم بغير عقار
رانت على مهجاتهم وقلوبهم ... وعلى الحجا والسمع والأبصار
شيم تُوَرَّثُ حقبة عن حقبة ... كتخلف الأَرجاس في الأَنهار
أو ما دهى أوصال جسم من ضنى ... يمضي ويترك باقي الآثار
جعلوا لطبع اللؤم كل قداسة ... وتحرزوا من سنة المختار
هات المُرَبِّي للكبار ولا تقل ... يا أين مُعْوِزَ رشده لصغار
هيهات يصلح نشء قوم لم يجد ... خُلق الكِبَار يضيء مثل منار
عدوى الضؤولة والخساسة فيهمُ ... عدوى الوباء تسير كل مسار
قوم إذا ابتدروا السباب رأيتهم ... يطلون موضع عُرِّهم بالقار
متعاظمين على نجاسة أنفس ... نتجت نتاج الدود في الأقذار
ستر الخسيس خساسة بخساسة ... في أنفس الأعوان والأنصار
متعظماً يبدو كريماً سامياً ... متحلياً بفضائل الأطهار
وترى الوقار ولا وقار وإنما ... اخفوا دعارة أنفس بوقار
ودعوا إلى الإصلاح دعوة مائق ... يسعى إلى الأرباح سعي تجار
هم يبتغون الجاه إنْ لم يبتغوا ... مالا بدعوة مصلح ثرثار
لم تَدْر وَحْيَ المصلحين حصاتهم ... فتشبثوا بزوائف الأفكار
صارت وسائل عيشهم ما غاله ... من طبع لؤم سائق لبوار
فقد الحياَء صغارُهم من ضيعة ... فغدوا كبار الفخر غير كبار