صنعوا الأذى من غير ما سبب ولا ... يؤذي لغير القوت وحش ضاري
ضلت غرائز شرهم عن أصلها ... في صون عيش أو لدفع ضرار
فغدت دناءة أنفس وخساسة ... كيداً بلا كسب ولا أوطار
وحديثهم كالحك يهتك عزهم ... فأخو السفاهة منهم كأسٍ عاري
العدل ما وهب السمير سميره ... والرأي للأوشاب والأغمار
جرأت صعاليك على ما لم يكن ... في فهمهم فقضوا بغير تماري
فوضى لعمرك لا صلاح لشأنها ... كيف الصلاح لأمر هاوٍ هاري
عادوا الذكاء خساسة فكأنما ... نبذ الذبالة في الظلام الساري
إلا الدعاوي الباطلات فأنها ... عادت كعود مزيف الدينار
سل صفحة التاريخ كم قوم به ... أجراه مجرى الدهر في مضمار
أقوام أدهار مضت بعض لها ... ذكرى وبعض ما لها من داري
قد أبدلوا طبع السفال بأنفس ... من طبعها المتصاعد السوَّار
صاروا إذا غضبوا وإنْ سُرُّوا وإن ... درجوا لأمر ثالث بمدار
يتمرغون مجانة فنفوسهم ... وجسومهم كمزابل الأوزار
كتمرغ المفلوك دغدغ جلده ... عضة من البرغوث في الأقدار
وصموا الشباب ولم يكن من طبعه ... خلق اللئيم العاجز الغدار
إن الشباب مروءة وسذاجة ... وترفع ينبو عن الأوضار
تخذوا السفال مِجّنَّهُم ليصونهم ... من صولة الغلاَّب والمغوار
فغدا السفال سعادة ومسرّة ... عبث الخنى ومجانة الفجار
نبذوا الحياء وكيف ترجو أمة ... للنائبات مجانة العهار
قد قيل في فقد الحياء رجولة ... فقد الحياء أنوثة الدعار
طبع المجانة عم حتى خلته ... كيداً يحاك عليهم بسرار
أم وُرِّثُوهُ عن الجدود غنيمة ... يطفو الذليل بها على الأقدار
ويُذِلُّ من عنت وضيمها ... بسعادة المجان والفجار
وتكايدوا كيد العبيد ولم يكن ... كتنابذ بطبائع الأحرار