وصاحب المذهب. ولكن الرجل ظريف على الرغم منه ومن فلسفته، فلتكن هذه من دعابات الزمن معه، ومن وفاء الزمن له في قرن واحد
أما فلسفة الرجل بتفاصيلها فيطول شرحها ولا يتسع لها مقال ولا سلسلة مقالات، وهي مستمدة من حياته ومن سيرته ومن عصره. فمن عرف تاريخه عرف الكثير من بواعث آرائه وعلل أحكامه، وعرف مكان الصدق في المطابقة بين الوحي ومصدره وبين البيئة والتعبير عنها. ومجمل تلك الفلسفة في سطرين: أن الإرادة هي صاحبة السلطان في أعمال الأحياء وحركات الحياة؛ وأن الإنسان يلتمس الأسباب والبراهين لأنه يريد، ولا يريد لأنه يلتمس الأسباب والبراهين؛ وأن الفكرة تلغي الإرادة وتشل الحركة وتنتهي بالحياة إلى سكون كسكون (النرفانا) عند الهنود؛ وأن الإرادة تتعلق بالفردية، أما الفكرة فتتعلق بالعمومية الشائعة في الكون كله. ومن ثم يجيء الفن والدين والعبقرية على رأس الفكرة ومن وراء الإرادة أو من وراء عالم الأعمال والحركات، فالمصير الذي يطوينا جميعاً ويطوي أعمالنا وآمالنا إنما هو الفناء أو ما يشبه الفناء
وفي مقال آخر سنطابق بين سيرة الرجل وفلسفته، وبين العرض والجوهر في هذه المطابقة. وحسبنا الآن وهم يحتفلون بميلاده في الثاني والعشرين من شهر فبراير أن نزجي إلى ذكراه تحية المودة والإكبار، وأن نهتف به: مرحى! ومرحباً صديقنا القديم من جديد!