ليتفرج، وقد أعجب بدفاع أحد المحامين ودفعه إعجابه إلى أن يتقدم إلى ذلك المحامي مهنئاً، فاقتحمته عين المحامي المدل بنفسه وازدراه وهو يرى من هيئته ورث ثيابه ما يرى، ولم يدر أنه كان يزدري من سيكون يوماً رئيس الولايات المتحدة! ومنذ ذلك اليوم تاقت نفسه إلى معرفة القانون عله يستطيع أن يخطب ويدافع فينصر المظلومين، فلقد صار ذلك العمل محبباً إلى نفسه.
ولكن أنى له المال الذي يهيئ له سبل الدراسة والظهور في المجتمعات؟ أنى له المال وهو لا يكاد يراه. هاهو ذا يصنع قارباً بيديه ويحمل فيه بعض حاصلات إقليمه ليبيعها في سوق قريبة ولكنه يبيعها بثمن زهيد؛ بيد أنه حدث أن حمل في تلك الرحلة بعض الناس في قاربه من شاطئ النهر إلى حيث أدركوا قارباً بخارياً في عرض النهر، وما كان أعظم دهشته حين مد إليه أحدهم يده بقطعتين من الفضة كانتا تساويان ريالاً، وما كان أعظم فرحه بذلك. أشار إلى ذلك الحادث يوماً وهو في منصب الرياسة يخاطب صديقه ستيوارت فقال:(إني لم أكد أصدق عيني. ربما رأيت ذلك يا صديقي أمراً تافهاً، أما أنا فإني أعتبره أهم حادث في حياتي. لقد كان من العسير عليّ أن أصدق أني - وأنا ذلك الفتى الفقير - قد كسبت ريالاً في أقل من يوم؟ لقد اتسعت الدنيا في ناظريّ وبدت لي أكثر جمالاً؛ وازداد أملي وثقتي بنفسي منذ تلك اللحظة).