العليا بمصر حتى أعرف العراق في عالم الفكر ذي الوقود الأبيض. . .
وكان لابد من الجارم حتى أعرفها في عالم القالب ذي الوقود الأحمر. . . وكان لابد أن أراهما معاً في بغداد حتى تتم الصورة ويشبع الخيال الجائع فيمزج الثلج بالنار!
ولقد سمعت الجارم العام الماضي في رثاء الزهاوي ولكن جو الرثاء لم يكن طليقاً أمام هذا الطائر الصداح
ثم كان صباح المؤتمر الطبي العربي في (بهو أمانة العاصمة) ببغداد، وجلس شاعرنا قلقاً في مجلسه من فيض شعوره (بجو الساعة) الذي قذف في قلوب الجميع، حتى أبناء العلم والمخابير والمباضع، شعلة الشعر والإحساس بالتاريخ الذي يسير في الدم. . والحاضر الذي يخلق الثقة، والمستقبل الذي ينادي إلى العمل. وجلس الإسكندري يتفرس ويقلب الصور ويستحضر البعيد. . . من ابن سينا والرازي والزهاوي، وجلست أرقبهما وأرصد طرفي عليهما وأتسلل بقلبي إلى قلبيهما فيرجع بالذكرى بعيدة وقريبة.
ثم ابتدأ الجو الروحي بكلمة فخامة رئيس الوزراء جميل بك المدفعي التي يسجل بها ويقول - وهو رجل مسئول - (ولاشك أن وحدة النزعة العلمية والأدبية هي في الوقت ذاته تمثل وحدة الفكر والرأي بينكم وتؤلف منكم أخوة من أمة واحدة عبثا حاولت الحدود والحواجز أن تفرق بين قلوبكم وأهدافكم. . .)
ثم يقف بعد فخامته الدكتور شوكة الزهاوي رئيس الجمعية الطبية العراقية فيقول:(إن من جملة ما يقوم به هذا المؤتمر من الأعمال الصالحة هو توحيد صفوف أطباء العرب وجمع آرائهم حول مكافحة الأمراض ومعالجتها بالطرق الفنية فضلا عن أنه يقرب الأقطار العربية من بعضها ويبعث على تكاتفها وتعاضدها في مختلف النواحي الحيوية، وأعد هذا المؤتمر خطوة مباركة منبعثة من الشعور المتقابل ونتيجة من نتائج الثقافة العامة التي أخذت تتغلغل في بلادنا العزيزة وفاتحة عهد حافل بالأماني السامية. . .)
ثم يعقبه سعادة علي باشا إبراهيم بخطابه الجميل الذي يقول فيه:(ولعمري إنه لأسبوع مبارك ميمون الطلعة بوقوف الأطباء في بغداد إبان وقفة الحج في عرفات نضم إلى دعواتهم المتصاعدة إلى السماء في رحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعاءنا أن يبسط على بلاد الناطقين بالضاد ظل رضاه ونعمته وأن يوطد بالاتحاد سؤددها وبالعلم