وإذاً فالتربية في هذه الناحية الاجتماعية، كما يقول الأستاذ هورن:(هي أحسن وسيلة للملاءمة بين الفرد وبين البيئة العقلية والعاطفية والإرادية)
الناحية النفسية
وأما هذه الناحية فتبحث في طبيعة النشاط العقلي، وفي نوع النمو العقلي، وفي صفات العقل النامي:
١ - فمن حيث طبيعة النشاط العقلي: يرى الجميع أن العقل أساس الإدراك والوجدان والنزوع، وأنه لا ينمو بغير عمل كما هو الشأن في كل شيء، وأنه مرتبط في نموه بنمو الجهاز العصبي وبدرجة احتكاكه بالوسط حوله، وأنه يحتاج فيما يتعرض له من تقليد وشوق وجهد إلى رعاية حتى يكون نموه كاملاً. فمثلاً يجب أن يرى الطفل مثلاً حسنة يقلدها، ويجب أن تكون المدرسة آية في النظافة والنظام والجاذبية والجمال حتى يرتاح إليها ويعمل بتعاليمها، ويجب أن تكون شخصية المدرس قوية تحمل النشء على احترامها وحبها والأخذ منها، هذا من حيث التقليد الذي هو إعلان للنفس يؤدي إلى الاستقلال
أما من حيث الشوق فيجب أن يكون موضوع الدراسة مثيراً لرغبة الطفل وحافزاً لاهتمامه، لأن ذلك كما يرى الأستاذ (شيرمان) أهم كلمة في التعليم. وأضمن سبيل لإثارة الشوق هو المدرس نفسه إذا كان محباً لمهنته ومتحمساً لمادته. وأما من حيث الجهد - وهو ما يبذله المرء في عمل لا يساير شعوره - فيجب - لتقويته - غرس الآمال العذبة البعيدة في نفوس الناشئين، ويجب تعويدهم مخالفة أهوائهم في أمور طفيفة كل يوم حتى تكون لديهم المناعة الكافية ضد كل إغراء دنيء. ويجب التوفيق بين الشوق نفسه والجهد بحيث يصبح الأول كالنسيم الذي يهب على سفينة حياتنا أحيانا، ثم ينحرف عنها أحياناً أخرى، فيقوم لنا الجهد حينئذ مقام المجاديف التي توصلنا إلى البر سالمين، ولنعتقد أبداً أن الكمال كائن في اتحاد الشوق والمجهود حتى يكون المرء سابحاً (مع) التيار لا فوقه ولا ضده. . .
٢ - وأما من حيث نوع النمو العقلي فقد أثبت علم النفس أن هناك مراحل تجب رعايتها في حلقات التربية والتعليم حتى يكون النمو سليما. فالطفولة مثلاً تمتاز باللذة والألم وتزعزع الإرادة. وإذاً فلتكن التربية هنا حسية بحتة كثيرة التسامح واللعب. وفي الشباب الباكر تنمو الصداقة والحب، والطموح وروح الاجتماع، وإحساس الخير والجمال، كما