مع الطبيعة يفيدها فيه ويستفيد منها، ويسير معها كوزيرها أو ترجمانها وهي كأمه الحنون)
وتكون التربية هنا هي (الملاءمة بين الرجل التام النمو الجسمي والعقلي، وبين بيئته العقلية والعاطفية والإرادية)
إمكان التربية
بقيت كلمة صغيرة نختم بها هذا البحث الذي مهدنا به لنقد التربية في مصر، وهي كيف تفسر الفلسفة إمكان التربية من الناحية الميتافيزيكية؟ يقول (كانت) في كتابه عن التربية: (إذا تدخل مخلوق أرقى منا في تربيتنا فلسوف نرى إلى أي مستوى يبلغ الإنسان، وإن الإنسان لا يصير إلى ما يستطيع أن يكونه إلا بالتربية. كما تسأل: أين هي النفوس التي فطرها الطبع على الشر حتى تبقى مستعصية على حزم أم رحيمة وسلطة أب محب؟). فترى هل يقوى المدرس حقّاً على التأثير في الناشئ، أو بالأحرى هل الإنسان (حر) حتى تصلحه التربية؟ أما العلم فيقول (بجبرية) المادة وباعتماد العقل - وهو أساس التربية - على (مادة المخ). . . فكيف إذاً نستطيع تغييره؟ ينقدنا الأستاذ (هيزنبرج) فيقول: (إن (جبرية) المادة نفسها موضع شك لأنا لا نستطيع التنبؤ بحالة (الأتوم) المستقبلة إلا بمعرفة مركزه وسرعته في لحظة واحدة. وذلك محال. . . ومع كل فهاهو الإنسان قد خلق لنفسه دنيا واسعة عريضة من التأمل، وسما بخلقه وتطور وتغير، وخرج على ما قد خالوه (قانوناً)، مما يثبت أنه (حر) بالفعل. وإذا قال قائل: إن العالم يسير وراء (غاية) خفية، وإن الإنسان كجزء منه مضطر أن يحقق (مجبوراً) هذه الغاية؟ سألنا: وهل تمنع (حريته) من تحقيق الغاية الكبرى إذا كانت هذه الحرية محدودة بحدودها الخاصة؟ إن القول بالغائية والجبرية الضيقتين يجعل الإنسان مجرد ألعوبة، ومسئوليته الخلقية مجرد تناقض محزن. يقول برجسن في كتابه:(الحرية تجربة راسخة وإن كان الفكر ينكرها)
(يتبع)
محمد حسن ظاظا
مدرسة الفلسفة بالمدارس الثانوية الأميرية
يسرني أن أسجل هنا شكري (للرسالة) الغراء على تكرمها