وهو كتاب (طيماؤوس) وفيه يتكلم أفلاطون عن رحلاته وعن روح العالم، وكيف تتوسط بين الخالق الفنان وبين سائر المخلوقات التي تنتظم في ترتيب يحقق جمال عالم المثل. وبعد أن يعرض لطباع المخلوقات بالتفصيل مبتدئاً من الله ومعقباً بالعالم السماوي ثم بالإنسان والحيوانات والنباتات والجمادات، يمهد لرأيه في السياسة الذي يبسطه بعد ذلك في (جمهوريته) وفي نواميسه. (فطيماؤس) هذا هو أهم كتاب في نظري تركه العالم اليوناني وسار سواء في العالم الروماني عن طريق شيشرون أم في العالم العربي بعد ذلك حيث ترجمه حنين بن إسحاق وأصلحه يحيي بن عدي كما يؤكد ذلك العلامة لكليرك في كتابه (تاريخ الطب عند العرب) الجزء الأول، وكما يؤكد القفطي في مقالته عن أفلاطون في أخبار الحكماء. ولقد شرحه أخيراً بالفرنسية أستاذنا العلامة ألبير ريفو في مجموعة بيدي
فمؤلفات شيشرون بنوعيها سواء المترجم منها أم التي يسودها الترجمة في أغلب أجزائها تدل دلالة واضحة على أنه لا أهمية لشيشرون كمؤلف، لأنه لم يضف شيئاً جديداً إلى ما قاله اليونان القدماء. وهذا راجع إلى أن عقلية الرومان عقلية عملية تهتم بالحياة الجارية أكثر من الحياة الفكرية، وبحياة الفتح والغزو أكثر من حياة الاستقرار والإنتاج، وبحياة القهر والاستعباد والقانون والعقاب أكثر من حياة الحقيقة المجردة والخطأ الفكري وإصلاحه وواجب الفضيلة وتأنيب الضمير. عقلية تمتزج بعوارض الدنيا، وإذا أرادت أن تتحرر من قيود المادة هامت على وجهها في ميدان العقل. فنجد مثلا شيشرون يخطئ في التعليق على آراء الفلاسفة كما يفعل عندما يتكلم عن عناصر المادة في الكاديميك مما دعا العلامة تيوكور في رسالته لدكتوراه الدولة أن يصفه بأنه فيلسوف بالواسطة لا بالذات. وأهمية شيشرون في نظر هذا العلامة تنحصر في أن مؤلفات شيشرون تكوّن موسوعة لا يسبر غورها لفلسفة اليونان وخصوصاً للفلاسفة الذين جاءوا بعد أفلاطون وأرسطو مباشرة وضاعت كتبهم أي الفلاسفة الرواقيون، لأن العلامة لوسيان ليفي في شرحه (لنواميس) شيشرون يذكر أن لكريزيب نحو ستمائة كتاب أغلبها إن لم يكن كلها قد فقد. ولخلق مثل هذه الشخصية العظيمة يرجع أستاذنا إميل برهبيه , في كتابه عنه إلى شيشرون في كل صفحة من صفحاته. ولزيادة الدقة في البحث نذكر أن الكتب الرواقية المفقودة والتي نستعيض عنها بمؤلفات شيشرون هي كتب الرواقيين القدماء أي زينون وكلبانت