وتتكدس الأوراق أمامه، وتتراجع الكلمات الحلوة من فوق شفتيه لينطق بجملة واحدة مريرة. . . (هذا جحيم المكتب)
ولم يطل تردده بين نعيمه وجحيمه. فذات مساء في أواخر يولية سنة ١٨٥٦ كان وليام هوسكينز جالساً أمام نار المدفأة مستغرقاً في بعض شئونه، وإذا بطرق متواصل على بابه لم يدعه طويلاً رب الدار الذي أسرع نحو الباب، فإذا به يجد الطارق تلميذه هنري، وقد بدا مشرق الوجوه بنور باهت هادئ أوضح ما يرى على وجه تخلص صاحبه من عذاب طويل.
علم الأستاذ أن تلميذه قد انتهى من الاختيار، وأنه اختار النعيم الذي ارتآه
وقد ودعه هوسكينز في ذات الليلة بعد أن سلمه خطاباً فضه هنري في الطريق فطرب من كلمات الثناء التي قدمه بها معلمه إلى ا. د. دافيز بمسرح الليسام بسندرلاند. ولم يكن في تقدير هوسيكنز أو هنري أو دافيز أو أي أحد أن هذا الزائر الجديد سيصبح مدير الليسام وأحد قادة المسرح في جميع العصور
وفي ١٨ من سبتمبر عام ١٨٥٤ رفع الستار لأول مرة على هنري كممثل محترف. وكانت كلمات المسرحية الأولى (إنا نبدأ المسعى). . . ولم تكن بداءة مشجعة لهنري، فقد نصحه بعض الناقدين وقتئذ بمغادرة المدينة على أول باخرة فاستجاب إليهم، ولكن ليواصل جهاده في أدنبره حيث قوبل في أول الأمر بالصفير والهزء كممثل طريد، ولكنه سرعان ما نقض هذا الحكم، وسرعان ما أصبح نجم الليسام وأحب ممثل إلى الجماهير
ولقد مثل في هذه الفترة ٤٢٩ دوراً مختلفاً في ٧٨٢ يوماً، وهذا رقم قياسي في تاريخ كبار الممثلين. مثل في جميع أنواع المأساة والملهاة: مثل الذئب في وأوجور في - وكاسيو في وسيلفيو وأورلاندو في وسبعة أدوار مختلفة في
وفي عام ١٨٧١ ظهر لأول مرة على الليسام بلندن وصار من ذلك الحين (هنري إيرفنج)
وقد عزى إلى إيرفنج أنه لم يكن يحفل باختيار ممثلين تتكافأ صفاتهم مع صفته ومكانته، حتى قال برنارد شو في إحدى مقالاته في النقد سنة ١٨٩٧:(إن المرء في الليسام معرض للجنون في الفترات التي يخلو المسرح فيها من هنري إيرفنج وأليس بتري) غير أن هناك من ينتحل الأعذار لإيرفنج في هذا الصدد لاشتغاله ممثلاً ومديراً ومخرجاً في آن واحد؛ فلم