للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسمعته يتمتم في تحرق وشوق وشغف، وقد اصطبغ جبينه بورس الحب: (تريزا!! تريزا!!. . .) ثم تحدرت عبراته فجأة. . . لقد رأى المسكين في الفتاة الفلاحة طيف تريزا. . . تريزا الجميلة. . . حبيبته التي خلبت لبه، وخبلت عقله، وسحرت فؤاده!

ولقيها بعد ذلك بيومين، فهرول نحوها وهو يبكي ويقول: (أنت أجمل من شمس الضحى!). . . ولكن الفتاة القاسية مدت يدها البضة ولطمته في حر وجهه!

ولمحه غلمان فأحدقوا به. . . ثم طفقوا يلمزونه ويستهزئون به وأخذوا يحذفونه بأعواد الكرنب الملقاة في الشارع، فأصابه أحدهم بعود منها في وجهه. . .

وثار سنسناتوس! وانطلق في إثر الغلمان كالثور المجروح، وأمسك بأحدهم فرفعه في الهواء، ثم ألقى به على الأرض. . . كحزمة من الخرق!!

ورأيت رجلين من الشرطة بعد ذلك يقتادانه تحت شباكي، والدم يتحدر من وجهه فيضرّج لحيته الكثة، وقد حنا رأسه توقياً لسخريات الناس به. . . . . . فبكيت!! بل استخرطت في البكاء!!

ولحسن الحظ لم يكن الفتى قد أصيب إلا بسحجات بسيطة فأطلق سراح سنسناتوس بعد يوم أو يومين. . .

مسكين سنسناتوس! لقد غدا مسبوهاً شارد اللب أكثر مما كان، وأظلت وجهه سحابة من الحزن لم تنجل. . . وشهدته ذات مساء يعدو كالكلب في أزقة القرية المظلمة

وفي صبيحة جميلة من أيام أكتوبر، مموهة السماء بلون البنفسج وأضواء الشمس، وجدت جثة سنسناتوس ممزقة مهشمة فوق شريط السكة الحديدية مما يلي الجسر. . . فهنا إحدى ساقيه. . . وهناك. . . على مسافة خطوات. . . ساق أخرى جرها القطار وراءه. . . وظل الدم يتدفق من الرأس الذي نزعت عنه لحيته. . . وقد جحظت عيناه لتثيرا الرعب في قلوب أبناء آدم!

مسكين سنسناتوس!! إنه لابد قد ذهب هناك ليرى إلى الهولة التي تنطلق في جوف الوادي، فتذهب بعيداً. . . بعيداً. . . كما تعود أن يقول. . . التنين الهائل الذي أجج الشيطان النار في صدره. . .

- (تريزا. . . . . .)

<<  <  ج:
ص:  >  >>