فقلت: معاذ الأدب أن أقول ذلك، وإنما شرحت المسألة من وجهة علمية، فقررت أن الإنسان هو الذي يغطي رأسه من بين سائر الحيوان
فقال: ولكنك على كل حال جرحتني، فان كنت جاداً فلتعلم أنه لا يستطيع أحد في العراق ولا في مصر أن يخاطبني بمثل هذا الكلام. وإن كنت مازحاً فاسمح لي أن أصارحك بأن للرجل أن يمزح، ولكن ليس له أن يخرج على الذوق
فقلت: ما كنت جادّاً ولا كنت مازحاً، وإنما كنت أقرر حقيقة علمية
فقال: يظهر أن ما سمعت عنك صحيح
فقلت: وماذا سمعت؟
فقال: سمعت وقرأت أنك رجل مشاغب، ومن واجبي أن أنبهك إلى أني سحبت منك الدعوة لحضور السهرة المقبلة
فقلت: ذلك ما لا تملك
فقال: ستعرف أن ذلك مما أملك
وانصرف وانصرفت
ورجعت إلى منزلي مُبَلْبل الخواطر وأنا أقول: هذا ذنب ليلى، هذا جزاء من يخالف ليلى، فلو كانت ليلى معي في السهرة لغُفِرت جميع ذنوبي، فقد علمتني التجارب أن الرجال الذين لهم زوجات سوافر تُقضى لهم مصالح لا تُقضى لأمثالنا أبداً، نحن المحافظين المغفلين الذين يجهلون خُلق الزمان
أيستطيع أمين العاصمة أن يحجبني عن ليلة بغداد بعد أن أضعت من العمر ما أضعت في التغني بتاريخ بغداد؟ أفي الحق أنه أعرق مني لأني من مواليد مصر وهو من مواليد العراق؟
سترى يا أمين العاصمة أينا أقرب إلى قلب بغداد، وسترى في الليلة القادمة كيف تلقاني وألقاك