وكانت الفتاة تتواثب فوق النؤى خفيفة رشيقة، فلما اقتربت هبّ الملاحون الخبثاء يغمزون ويلمزون، وإن فرض عليهم وجود القس احتشاماً كان يغيظهم ويحنقهم. . . ثم ركبت في فلك أنطونيو، ووقفت قريباً من القس الذي حياها قائلاً:
- لوريّللا!! عِمي صباحاً يا صغيرتي! أتصحبيننا إلى كابري؟
- أجل يا أبانا
- أحسب أن ليس معك نقود من أنطونيو؟! أَوْه! إن أنطونيو شاب طيب. . . وهو بلا ريب لا ينظر من أمثالك أجراً. . . بل بالعكس، لقد فرش لك قميصه، ولم يفعل ذلك من أجلي. . . ولكن أين عشرة قسيسين مثلي، في فتاة ريانة مثلك، في نظر هؤلاء الشباب!! وماذا تحملين إلى كابري يا لوريللا؟) وقبل أن تجيبه الفتاة مدت يدها إلى قميص أنطونيو فنحّته، ثم جلست وقالت تجيب الأب:
- ثوب، وحرير، ورغيف أيها الأب. . . الثوب لامرأة تصنع الأشرطة في أنا كابري! والحرير لامرأة أخرى. . . والرغيف لي. . . أتبلغ به. . .
- والحرير من غزلك أنت؟
- أجل أيها السيد
- أذكر أنك كنت تصنعين الأشرطة بيديك؟ أليس كذلك؟
- بلى أيها الأب، ولكن أمي قد تقدمت بها السن، ثم هي مريضة، بل شبه مقعدة، ونحن فقراء. . . فمن لنا بنول نشتريه وليس معنا من ثمنه شيء؟
- أمك؟! وا أسفاه! لقد أذكر أنني رأيتها في عيد الفصح الماضي!
- أجل. . . ولكنها مريضة اليوم. . . وهي تقاسي من زوابع الربيع ما لا تقاسيه في فصل غيره. . . أضف إلى ذلك زلازل الفيزوف ورجفاته. . .
- صلي من أجلها يا فتاتي، واضرعي إلى العذراء أن تكلأها. . . ولكن. . . خبريني يا لوريللا. . . لقد سمعت الملاحين الخبثاء يلمزونك وأنت مقبلة، فيقولون لك (هلمي أيتها العربية. . .) وهو نداء لا يليق بمسيحيه تقية مثلك، فما سبب هذا؟
- إنهم طالما يدعونني كذلك، مستهزئين بي، لأنني لا أشركهم في رقصهم وغنائهم وسائر عربداتهم. . . وهذا بالرغم من مسالمتي لهم دائماً. . .