للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعنوانها (حسنة)، في حين أن قصة (رئيس التحرير) تعد أنموذجاً لحذق كاتبها من حيث معالجة الموضوع وخصب البيان. وحسبنا من المؤلف أن يصيب مرة ويخطئ مرات، وهو في الحالتين لا يألو جهداً في أن ينزع نحو الكمال الفني المنشود

و (رئيس التحرير) قصة فكهة (كاريكاتورية) الأشخاص والأسلوب. وأبين ما تبين عنه هذه القصة نزعة ساخرة يفيض بها قلم كاتبها، وهي نزعة يخالطها الأسى وتمازجها الشكاية في قصة (مذكرات فنان) حيث نرى المؤلف متبرماً بمجتمعه متململاً بما شاع فيه من التطاول والإدعاء؛ ينقد عن ملاحظة دقيقة أوضاعه المقلوبة، مما يدل على أن (صلاح الدين) على حس مرهف وعين بصيرة بحقائق الأشياء وتفاريق الألوان في مجتمعه، فهو يرى ويشعر ويحيا ويتألم ويسخر ويصخب، وشأنه في هذا شأن صفوة الشباب المعذب في هذا الجيل، ولعل هذه القصة أحسن ما تكشف عن نفسية المؤلف

وللريف في هذه المجموعة من القصص شأن يذكر، وأحسن ما جاء في قصصه تلك الصبغة الريفية التي تطالع القارئ فيحس بريح القرية ملء أنفه وبهدوئها يشمل أعصابه

وللمؤلف جولات أخرى في موضوعات الحياة التي تتصل ببيئته، فهو تارة تراه متدخلاً في زوايا البيوت، وأخرى متغلغلاً في طوايا السرائر؛ وهو في معالجة هذه الموضوعات يركض ويتباطأ، ويهبط ويصعد، ويستقيم ويلتوي؛ ولكنه يريد دائماً أن يذهب بعيداً ليستقر في آفاق طريفة من التأمل والتفكير، وهو فيما يريد أن يذهب إليه يصيب مرة ويخيب أخرى، وهو في خيبته غير مهزوم

زكي طليمات

<<  <  ج:
ص:  >  >>