الورق المسطور. . . الذي يتباهى به أكثر العلماء الحفاظ، بعد أن عاش في ألفاظه وتعاليمه وعلم تلاميذه أن يعيشوا كذلك. . . ولذلك أحدث كل منهم ثورة وسار على قدم أستاذه فسجن وعذب ونفي وشرد
هذه مقاطع آلامه كما رواها تلميذه الأمير شكيب أرسلان
(لا أريد أن أسر المسلمين بكلمة، هؤلاء قوم كلما قال لهم الإنسان: كونوا بني آدم. . . أجابوه: إن آباءنا قد كانوا كذا وكذا. . . وعاشوا في خيال ما فعل آباؤهم غير مفكرين بأن ما كان عليه آباؤهم من الرفعة لا ينفي ما هم عليه اليوم من الخمول والضعة)
(قد فسدت أخلاق المسلمين إلى حد أن لا أمل بأن يصلحوا إلا بأن ينشئوا خلقاً جديداً وجيلا مستأنفاً. فحبذا لو لم يبق منهم إلا كل من هو دون الثانية عشرة من العمر، فعند ذلك يتلقون تربية جديدة تسير بهم في طريق السلامة)
(إن المسلمين قد سقطت هممهم ونامت عزائمهم وماتت خواطرهم وقام شيء واحد منهم وهو شهواتهم)
وهذه مطالع آماله كما ترجمها تلميذه الأكبر الإمام محمد عبده:
(صفاء العقول من كدر الخرافات وصدأ الأوهام، والإسلام يقتضي ذلك، لأن أول ركن بني عليه صقل العقول بصقال التوحيد وتطهيرها من لوث الأوهام. . . وأن تكون نفوس الأمم مستقبلة وجهة الشرف طامحة إلى بلوغ الغاية منه ماعدا رتبة النبوة فإنها بمعزل عن المطمع. . .
(وإن دين الإسلام فتح أبواب الشرف في وجوه الأنفس وكشف لها عن غايته وأثبت لكل نفس صريح الحق في أي فضيلة
(وليس الإسلام كدين (برهما) الذي قسم الناس إلى أربعة أقسام وقرر لكل منزلةً لا يتجاوزها. . . ولا هو كاليهودية التي تخص شعب إسرائيل بالكرامة والإجلال وتذكر غيرهم بالتحقير، ولا هو كالمسيحية التي تذهب إلى أن رؤساء الدين أقرب إلى الله من جميع البشر وأنهم وساطة رضاء الله. . .
(وأن تكون عقائد الأمة مبنية على البراهين القويمة مجانِبةً مُطالَعَة الظنون وتقليد الآباء كما يحتم القرآن