العمل الخالد والمجد الدائم، إنما هو رجل الأمم والجماعات
فيا أيها الشعب الإسلامي، ويا أبناء الشرق، هذا هو السيد جمال الذي ما اتخذ له وطناً ولا ولداً، فليس هو بالذي تتناساه الشعوب أو تهمل ذكراه الأمم
أما أنت أيها الشعب المصري فهذا الذي أنقذك من براثن الظلم والجبروت، وعادى من أجلك دول الاستعمار، وقضى شطراً كبيراً من حياته في المدافعة عنك ومناصرتك، ولاقى الصعاب والأهوال
أما أنتم يا رجال النهضة، ويا زعماء البلاد، ويا نواب الأمة فهذا السيد جمال الذي بعث في نفوسكم تلك الروح وعمل جهده على إيجاد الحياة النيابية في مصر
أما أنتم يا رجال الدين، ويا علماء الأزهر، لكم وحدكم يوجه العتاب. ألم يكن جمال هذا هو المحرر للأزهر من ذلك الجمود الفكري الذي كان راسخاً فيه؟ ألم يكن جمال هذا هو الذي خرج لكم في مدرسته الإمام الخالد الذكر الشيخ (محمد عبده) وكان يقول عنه عند نفيه (خرجت من الدنيا ولم أترك مؤلفاً ولا ولداً ولكن تركت لكم محمد عبده وكفى به لمصر عالماً)
أما أنت أيتها الصحافة، أما أنت يا لسان الأمة الناطق، وآيتها البينة وحجتها القوية، وميدانها الفسيح؛ أما أنت يا مشعل الوادي، ويا منار الأفكار، فهذا السيد جمال الذي أنبتك في مصر وجعل منك ذلك المصباح الوهاج، فهذا أستاذك صاحب العروة الوثقى
أما أنت أيتها الروح المقدسة الطاهرة الزكية البريئة العالية السابحة في ملكوت الله. أما أنت يا روح جمال فإليك أتقدم بالاحترام الفائق والإجلال التام، والمعذرة الصادقة عن تقصيرنا السابق، وغفلتنا الطويلة
وإني أخيراً لأفتخر بالسيد جمال الدين الأفغاني في الإسلام وأقول (حسبه من عظمة ومجد أنه في تاريخ الشرق الحديث أول داع إلى الحرية، وأول شهيد في سبيل الحرية)