الملكة - يا للحمق!
الخادم - سأنفض عن نفسي كل عمل سوى هذا
سألقي بسيفي ورمحي معاً جانباً. لا تقذفي بي إلى غيابة قصورك النائية، ولا تدفعي بي
إلى ميدان القتال؛ ولكن مري فأكون بستاني حديقة أزهارك
الملكة - وماذا تريد أن تعمل هناك؟
الخادم - سأقوم على خدمتك في ساعات الفراغ
وأتعهد حشائش الطريق لتظل خضراء ناضرة. . . الطريق الذي تجتازين كل صباح
حيث تتناثر على قدميك أوراق الزهور التي تسير الهوينى في طريق الفناء، كأنها تحييهما في ولاء
وأرجّح بك الأرجوحة بين أغصان الدوح، حيث تجهد أشعة القمر نفسها أن تندفع خلال
أوراق الشجر لتقبل ذيل مرطك
ثم أترع مصابيحك بالزيت العطر حين توشك أن تنضب، وأنثر على موطئ قدميك
الصندل والزعفران في دقة وإتقان
الملكة - وماذا تنتظر من أجر؟
الخادم - أجري أن تأذني فأمسك بيدك البضة الناعمة التي كأنها زهرة اللوتس الناضرة،
فأزين معصمها بسوار من زهر؛ وأصبغ أخمص قدميك بعصير الزهر الأحمر، ثم أنفض عنها ما عساه أن يعلق بها من ذرات التراب
الملكة - لقد أجبت سؤالك يا خادمي، فاذهب أنت منذ الآن بستاني حديقة أزهاري
- ٢ -
(آه، أيها الشاعر! إن المساء يقبل في أناة، فيدب الشيب في شعراتك)
(أفتسمع من خلال تأملاتك وأنت في خلوتك رسالة الغيب؟)
قال الشاعر: (حقاً، إنه الليل، وأنا جالس أتسمع لأن صوتاً سيرتفع - في جوف الليل -
من جانب القرية)
(وأنا أرقب القلوب الشابة وهي تتلاقى بعد تيه، فتنطلق نظرات الهوى تطلب الموسيقى
لتصدح من حواليها السكون وتتحدث حديثها)