للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما لابسه إذا عرض على مقاييس العقول واعتبر الناس بسنن الاجتماع وهديه. ولا تزال هذه السنن مستمرة في هذه الحياة؛ ولا زالت تعمل عملها وتحدث أثرها. والعاقل من يعتبر. (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)

وقد سار النبي صلى الله عليه وسلم على هذه السنن، وامتاز بأكمل ما امتاز به الأنبياء وكبار الدعاة إلى الحق من اليقظة والحكمة، وتخير الأوقات والأمكنة، واختيار الأصحاب والأنصار. ولم ير الاكتفاء بالحجة والبرهان في مواضع لا تنفع فيها الحجة ولا يقنع البرهان، بل أعمل الحيلة وأدار الرأي وطلب القوة في مظانها. لذلك كانت الهجرة، وبذلك أدرك ما أراد. فظهر الإسلام وبسط ظله على أمم قوية كثيرة العدد والعُدد، وحول أولئك الأميين إلى أئمة هدى وولاة عدل وفقهاء نفس وساسة يفخر التاريخ بهم، وعلماء تروى آثارهم ويتحدث الناس بطيب أخبارهم، وأساة للإنسانية وجروحها تتفجر منهم ينابيع الرحمة ويضعون نظم الإصلاح وقواعد الاجتماع. رفعوا قدر العلم بعد أن أنكروه، وجعلوا العقل هادياً ومرشداً، والقرآن إماماً. لم يخونوا أمانات الله ورسوله فأحياهم الله حياة طيبة، وأعد لهم مكان صدق عند مليك مقتدر

(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، وأعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه، وأنه إليه تحشرون. يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون)

محمد مصطفى المراغي

<<  <  ج:
ص:  >  >>