للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فبينهم وبين كسيلة مؤامرة محكمة. وأقبل كسيلة في هذا الموقف الذي يطيش فيه الكمى، فأصبح عقبة بين نارين: الروم من ورائه والبربر الأشداء من أمامه؛ ولكن قلبه لم يخلق له الفزع؛ تقدم ليلقى كسيلة ففر ريثما يتكاثر حوله البربر؛ وبلغه حينئذ من أبي المهاجر أنه ينشد في وثاقه:

كفى حزَناً أن ترتدي الخيل بالقنا ... وأترك مشدوداً علي وثاقيا

إذا قمت عناني الحديد وأغلقت ... مصارع من دوني تصم المناديا

سمع عقبة ذلك فغلبت عليه شيمته العربية وأطلق خصمه من وثاقه وقال له: (الحق بالمسلمين وقم على أمرهم وأنا أغتنم الشهادة)! ولكن أبا المهاجر يطمع في الشهادة كما يطمع عقبة فوقف يقاتل تحت لوائه، وكسر البطل المجاهد عقبة غمد سيفه على ركبتيه وحمل على الأعداء، واحتذى العرب حذوه وتكاثرت جموع الروم والبربر، ودارت رحى الحرب والتمعت البيض، وبرقت الأسنة، وتطاير العثير، وعلا الضجيج، وطاب الموت في سبيل الله، وانجلت الغمرة فإذا العرب جثث طريحة لم يفلت منهم إلا من أسر؛ واغتنم عقبة الشهادة، واغتنمها معه أبو المهاجر. وعرف ذلك البطل كيف يموت ميتة لا يدرك معناها إلا البسلاء

الخفيف

<<  <  ج:
ص:  >  >>