للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

حال من الفوضى والاختلال هي شر من الخمر التي أريد تحريمها.

ومن أكبر مظاهر التحول في الرأي العام ذلك الخطاب الشهير الذي كتبه المستر جون ركفلر الصغير في صيف سنة ١٩٣٢ يبدي فيه أسفه الشديد لأنه (وهو من اكبر دعاة التحريم) مضطر إلى الاعتراف بان التجربة النبيلة قد فشلت فشلاً محزناً.

وهكذا أخذ الرأي العام يتحول حتى استطاع المستر فرانكلين روزفلت أن يستميل الأمة إلى صفه، حينما أعلن في شجاعة وصراحة أن من مبادئه إلغاء التحريم. ومنذ انتخب للرآسة في أوائل هذا العام وهو يسير بالبلاد نحو الإلغاء حتى تم له في أول هذا الشهر ما أراد، بأن حصل على موافقة ست وثلاثين ولاية على إلغاء التعديل الثامن عشر.

والأن وقد انتهى التحريم، فما عسى أن يكون المستقبل؟

إن الذين نادوا بإلغاء التحريم، لم يفعلوا ذلك برغبتهم في شرب الخمر وحبهم لها؛ بل أن أكثرهم قد فعل ذلك أملاً في أن الإباحة تقضي على تلك الشرور التي ولدها التحريم. فتنتهي بانتهائه. ولكن من الصعب أن يتنبأ المرء بشيء. فأن بضع عشرة سنة تقضيها عصابات الأجرام في نشر الأجرام والفساد في جميع أنحاء البلاد، لا يتصور أن تنتهي آثارها في عشية أو ضحاها. ومما لاشك فيه أن البلاد اليوم في حال انتقال شديد الخطورة فقد تفيق بسرعة من تأثير هذه السنين العصيبة، وقد تبقى تحت ظلها القاتم زمناً طويلاً، خصوصاً إذا ذكرنا أن عدد الذين يشربون الخمر قد ازداد ولم ينقص أثناء التحريم. وأن الإباحة الجديدة لابد ان تؤدي زمنا ما إلى الإسراف في أمر محبوب كان ممنوعا فاصبح مباحا. ومن غير شك أن الحكومة تعزي نفسها بانها ستجني من الإباحة ضرائب تقدر بنحو خمس مائة مليون دولار. (أي نحو مائة مليون جنيه).

على كل حال لا يستطيع المرء أن يملك نفسه من الأسف الشديد على فشل هذه التجربة الشريفة التي لم تكن ترمي إلا إلى اشرف المقاصد واسماها وهو إعلاء شأن الإنسان وإسعاده.

م. ع. م

<<  <  ج:
ص:  >  >>