للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تصبح مسألة الدولة بأجمعها، ولكن في سنة ١٩١٩ لم يكن من شك في أن أكثرية الأمة في جانب التحريم. وقد أقدم نحو ثلاث وثلاثين ولاية على تحريم الخمر.

على كل حال سارت التجربة في طريقها أول الأمر، وأنظار العالم كله تتطلع إلى أكبر دولة في العالم، وهي تحاول اكبر تجربة اجتماعية في التاريخ. وكان الكثير من الناس يبدي عطفهم على أمريكا وكأنما الكل واثق من نجاح التجربة في النهاية برغم ما قد تلاقيه من الصعوبات، وجعل بعض المصلحين يحلمون بان سنّّة التحريم ستنتشر من الولايات المتحدة إلى سائر الأقطار.

ولكن كانت هنالك قوى تعمل للشر، وإن لم يتوقع احد أن سيكون لها كل هذا الخطر، فنهضت هذه القوى الشريرة لتنظيم الاتجار بالخمور بكافة انواعها؛ مما قد يصنع خلسة في داخل البلاد أو يستورد من الخارج. وسرعان ما أنشئت أساطيل لا عمل لها غير هذه التجارة المحرمة؛ واتسع نفوذ هذه الجماعات حتى أصبح لها نفوذ كبير (بل أحياناً النفوذ الأكبر) في كل ولاية، حتى كانت لها الكلمة النافذة في تنصيب رجال الحكم. وانتشر الأجرام بين هذه العصابات ومن يعترضها في أعمالها، وكذلك فيما بين العصابات المتنافسة نفسها؛ وأصبح أمرها حديث النوادي والصحف وموضوعاً للصور السينمائية؛ وبطريق العدوى تجاوز الأجرام دائرة تجارة الخمور، إلى الأجرام في نواح أخرى كالاختطاف والسلب والنهب وما إلى ذلك.

بات من الواضح للعالم كله أن تلك التجربة الهائلة قد فشلت فشلاً تاماً. فأن الحصول على الخمر برغم التحريم كان أمرا في غاية السهولة. ولئن كانت الحانات القديمة (الصالونات) قد أغلقت، فقد نشأ مكانها حانات خفيفة اشد خطرا واكثر وزرا. وهذه أطلقوا عليها اسماً غريباً وهو ويؤكد أكثر الكتاب أن شرب الخمر في زمن التحريم كان أوسع انتشاراً مما كان عليه قبل التحريم.

وبرغم فشل التجربة الذي كان واضحاً لكل ذي عينين، بقي في الولايات المتحدة جماعات كثيرة تنادي باستمرار التحريم، وبتجديد المراقبة والضرب على أيدي المجرمين. غير أن هذه الجماعات أخذت تضعف على مضي الزمن. حينما انتشرت في طول البلاد وعرضها جرائم منكرة من نوع اختطاف طفل لندبرج، فأيقن الناس أن التحريم قد أوقع البلاد في

<<  <  ج:
ص:  >  >>