ولقد أظهرت حدة النضال الحزبي عظيم الخطورة في الاعتماد على عون العرب فحسب، وعلى الأخص في وجه حركة كتلك التي أضرم لهيبها يزيد. ومن ثم فقد اكتسب قتيبة - بعمله الإيجابي هذا - ثقة الفرس وكافأها من جانبه بالثقة أيضاً. حتى ليكاد يخيل إلينا أنه باستعماله - طول حكمه - لموظفين من الفرس وتقديمه الولاة الإيرانيين إنما كان يعدهم (العشيرة) التي كان يحتاج إليها بين العرب. وعلى الرغم من أن ذلك قد جلب عليه سخط العرب وكان عاملا قوياً في إسقاطه، إلا أنه في ذلك كان أول دافع لإثارة الشعور باسترجاع العاطفة القومية في نفوس خراسان.
كذلك كان مركز آسيا الوسطى مشجعاً للعودة إلى محاولة ضم بلاد ما وراء النهر الغنية إلى المستعمرات العربية، وإن كنا في شك غير قليل إزاء الأخبار المتعلقة بمدى اهتمام العرب بهذه الناحية. ففي سنة ٦٨٢م، بينما دب الضعف الداخلي في الصين من جراء مكائد الإمبراطورة وبينما كانت يداها مصفدتين بحروبها مع التبت قام الأتراك الشماليون أو الشرقيون باستردادهم استقلالهم، ولم تفلح الإمبراطورة الجديدة مطلقاً في بسط نفوذها ثانية على الأقاليم الغربية في الخانات السابقين، غير أنها مدت حكمها - بواسطة الحملات المتواصلة - على القبائل العشر التي تنزل إيلي وتشو التي يقال إنها (قد تلاشت في أغلبها) وفي سنة ٧٠١م غزا الأتراك الشرقيون بيد أنه ليس ثمة داع للاهتمام جدياً بالقول بأن قوات الملهب قد تأثرت بهذه الغزوة، ولو أنه كثيراً ما ردد هذا القول، ولابد أن التدمير والخسارة اللذين كانت تتسم بهما هذه الغزوات بلا استثناء قد ساعدا على إضعاف موارد أمراء الرعية الذين كان لهم نصيب واهٍ في اختيار ابن الخان ليقود القبائل العشر. وعلى أية حال فإن الحرب الدائمة التي كان يثير ضرامها الأتراك الشرقيون ضد التركش من ٦٩٩ إلى ٧١١م قد حالت في الواقع بينهم وبين إرسال نجدات إجابة لاستغاثات كانت تصلهم من سجديانا بطلب العون منهم. كذلك لم يكن من المستحيل على التركش التدخل في سجديانا خلال هذا العهد نفسه
ويقصد مؤرخو العرب - بلا استثناء - بكلمة (الترك) جميع السكان المحليين الذين لا يستعبد أنه كانت فيهم إبان ذلك الوقت عناصر تركية. والواضح أن الإشارات العرضية إلى الخاقان إنما هي نعوت فخر (اللهم إلا إذا أمكن إرجاعها إلى الرؤساء المحليين وذلك