يدل استقراء التاريخ الخاص والعام على صدق القانون السبعي، ومقتضاه أن تكون الفترة الفاصلة بين جسام الحوادث سبعمائة عام تقريباً. وقد حددت أعمار تلك الفترات تحديداً دقيقاً في كثير من كتب التاريخ كتجارب الأمم لأبن مسكويه، ومروج الذهب للمسعودي، ومقدمة ابن خلدون، وابن الأثير؛ ومن كتب الإفرنج حوليات تاسيت الروماني وتاريخ انحلال رومة لجيبون. ومن قبل هذه التواريخ العالمية أشارت التوراة والتلمود والمشناة وتفاسير الأحبار إلى هذا القانون. يقول بلاكنهيم:(إن تاريخ العالم مقسم إلى فترات قد تدوم الواحدة منها حوالي سبعة قرون، وقد تنقص أو تزيد قليلاً. فقد أسست روما قبل المسيح بسبعة قرون ودام سلطانها ونفوذها سبعمائة عام، وفي نهايتها ظهر المسيح بدين جديد ينطوي على حياة جديدة، وكان ظهوره مؤذناً بزوال تلك الدولة الرومانية العظمى التي حكمت العالم بالحديد والنار بعد أن فتحته بالقوة والحيلة. وظهر الإسلام في نهاية القرن السابع المسيحي ودامت عظمة الدول الإسلامية سبعة قرون. وفي سنة ٧٥٠م نقلت الخلافة إلى بغداد بقيام دولة بني العباس، ثم هاجمها المغول وقضوا عليها وعلى حضارتها) اهـ
ولم يظهر المغول وحدهم لمناوأة الإسلام، فقد ظهر الصليبيون ونهضت أوروبا الحديثة تلك النهضة التي دامت سبعة قرون كانت نهايتها الحرب العظمى في أوائل هذا القرن. وقد بدأت نهضة الإسلام الحديثة في أوائل القرن الرابع عشر للهجرة. ومن العجيب أن تطبيق هذه النظرية السبعية أو القانون السبعي صحيح في حياة الأمم إذا أخذت كل منها على حِدَة، فقد استمرت عظمة الإغريق الحربية والبحرية وعهد الفلاسفة سبعمائة عام، ودولة الفرس عمرت سبعة قرون من أول تأسيسها لعهد كسرى، ومضى على حكم الملوك في إنجلترا سبعة قرون، وبقيت ايرلندا تحت الإنجليز مثلها. ونحن نذكر هذا القانون السبعي لا لأهمية خاصة به، وإن كان في ذاته ظاهرة تاريخية عجيبة تدل على دقة نظام الكون والعالم وخضوع حياة الأمم لمقاييس من الزمان وموازين في الأعمال، ولكن نذكره لعلاقته بظهور الإسلام ونهضته وهبوطه، ثم بداية عهد الأحياء الذي ينبئ بالتجدد والبعث في المائة الرابعة عشرة. وقد أوضح صحة هذا القانون أوزقالد شبنجلر في كتابه (انحلال الغرب) وهستن شمبرلين في (أسسالقرن التاسع عشر) وولز في كتابه (صورة العالم في المستقبل) فليرجع إليها من يشاء من القراء