وخجلت من أن توصم بالتعصب الديني، فتركت هذه الوحدة المقدسة، ونفرت من هذا التعاون الإسلامي، فلما ضعفت الروح سهل التغلب على الجسم.
كان على المسلمين أن يعلموا أنه لا مقاومة في الوجود إلا بوحدة. وقد ظهرت هذه الوحدة بمظاهر مختلفة منها الوحدة الجنسية ومنها الوحدة الوطنية، ومنها الوحدة الدينية، وإذا استمسك الغرب بالوحدة الجنسية أو الوطنية لما فيها من الإقدار على الكفاح في هذه الحياة، فعلى المسلمين أن يستمسكوا بما صبوا فيه من وحدة إسلامية ليقدروا أيضاً على الكفاح في هذه الحياة.
كان على المسلمين أن يعلموا أن التعصب الديني موجود في أمم الغرب التي تعيب المسلمين بالتعصب الديني، يظهر ذلك في أعمالهم وكثير من نواحي حياتهم، وأقرب ذلك تطوع بعض الأوربيين والأمريكيين في جيوش الأسبانيين، والفرنسيين ضد الريفيين المسلمين الذين كانوا يدافعون عن وجودهم، فلو أن التعاون الديني كان نقيصة كما يزعمون لما نهوا عنه غيرهم وأتوه هم.
كان على المسلمين أن يعلموا أن الوحدة الجنسية والوطنية في أوربا قد أتت من الفظائع ما لم تأت بمثله ولا بأقل منه الوحدة الإسلامية في الإسلام، وآية ذلك معاملة الألمان لليهود، وتلك الحروب الطاحنة تؤجج نارها العصبيات القومية أو الجنسية. ليس في الوحدة الدينية ما يمكن أن تؤخذ به إلا أنه قد يكون في الوطن الواحد أديان مختلفة؛ والوحدة الدينية ربما عادت بين هذه الوحدات، ولكن الإسلام قد احتاط لذلك، وأوصى المسلمين بهم وأوجب أن يكون لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم.
حافظ الإسلام على أهل الذمة وذوي العهود والمواثيق من ذوي الأديان المخالفة (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين، إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون).
على الأمم الإسلامية أن تقلع بعد اليوم عن هذا الخطأ وأن تعلم أنها وقعت فيه بعض تلك الموجات التي تغمر الأمم فتلهيها عن مصالحها، ولا يخافن أهل الذمة في بلاد المسلمين وذوو العهود مع المسلمين من إحياء الوحدة الإسلامية فأنها تقوي جيرانهم وأهل عهدهم ولا