للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لحظة، وتدرسه العيون في كل مكان، ويؤدي حساباً إلى كل مخلوق، ويعجز عن إصلاح ما يفسد المفترون

لا تحزن يا قلبي، فكل غيم يتلوه صحو، وكل ليل يعقبه صباح.

لا تحزن يا قلبي، فأنا بجانبك أرعاك وأواسيك، وسأكفنك بدموعي إن قضى الله أن تموت غريباً بين القلوب

لا تحزن يا قلبي، لا تحزن يا قلبي!

ما هذا؟ ما هذا؟

أتريد أن تفر من قفص الضلوع؟

والى أين؟ حدثني إلى أين؟ إلى أين يا جاهل؟ فأنت تجمح إلى قلوب عرفت من بعدك كيف يحلو اللهو، وكيف تقرع الكأس بالكأس، وكيف تطيب الأسمار والأحاديث. إلى أين؟ حدثني إلى أين؟ وهل لك وطن أيها القلب؟

حدثني أين وطنك فقد نسيت! أيكون وطنك بين تلك القلوب الغوادر التي تضن عليك بخطاب تكاليفه عشرة فلوس؟ أيكون وطنك عند تلك الإنسانة الغادرة التي قطعت حبل الود لأني دعوتها لزيارتك متنكرة في بغداد؟

أين وطنك يا قلبي؟ أحب أن أعرف أين وطنك لأمضي معك إليه. أهو مصر؟ كذبت، ثم كذبت، فلو عرفتك مصر حق معرفتك لكان لك اليوم مكان مرموق، ولكنك في مصر منبوذ مجهول

قلبي! قلبي! رحمه الله عليك، فقد سعد ناس بالرفق المزيف، وشقيت أنت بالرفق الصحيح

وقد وصل ناس لأنهم كذبوا، وتخلفت أنت لأنك صدقت.

ونَعمَ ناسُ لأنهم خانوا، وشقيت أنت لأنك وفيت

وتقدم ناس لأنهم هزلوا، وتأخرت أنت لأنك جَدَدْت. وانتفع ناس لأنهم غدروا، وخسرت أنت لأنك وفيت

قلبي! قلبي! أحسن الله إليك!

أنظر يا جاحد! فها نحن أولاء في رحاب أسد بابل؛ وهذه صاحبة العينين. نعم هذه صاحبة العينين أما ترى يا قلبي؟ أما ترى يا جاهل أن صاحبة العينين تُنحّي زوجها بعنف لتظهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>