للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعض أعضاء المؤتمر الطبي، وكان المظنون ألا تظهر هذه الرغبة إلا عند عدد قليل من الأعضاء

ثم ظهر أن الناس كلهم يريدون امتطاء الطيارات حتى خشينا ألا يمر ذلك اليوم بسلام

وما كان يهمني أن أشترك في هذه النزهة فقد عرفت أمثالها من قبل وسجلتها في كتاب ذكريات باريس، ولكني رجوت أن يكون هذا الزحام فرصة أداعب فيها فتاة أو فتاتين أو ثلاث فتيات، ثم هالني ألا أرى غير جماعات من (الخناشير) كلهم شعثُ غبرٌ كأنهم قدموا من البيداء، ومزاحمة هؤلاء ضرب من الضياع

ومع ذلك صممت على الاشتراك في هذه النزهة، ولكني لم افلح، فما كانت طيارة تنزل حتى يهجم عليها الناس كالوحوش ورجعت أتعثر في أذيال الخيبة فما كدت اصل إلى باب المطار حتى سمعت رجلاً يقول:

- أتريد أن تطير يا دكتور؟

- نعم، يا سيدي احب أن أطير!

فدعاني إلى سيارته فركبت ومضينا إلى ناحية قصية فطلب طيارة وقال: (هذه في خدمتك فأدع إلى مصاحبتك من تشاء) فنظرت فإذا سيدة (تائهة) فأخذتها معي وطرت

وعند النزول رأيت السيارة وصاحبها في انتظاري فركبت معه إلى المقصف وأجلسني مع جماعة من الضباط، ثم قال بعد تناول الشاي والحلوى والفاكهة: (خذ حريتك يا دكتور وطوِّف حيث شئت)

فلما تركته كان أكبر همي أن أعرف من هو، فسألت فعرفت أنه سعادة أمير اللواء حسين فوزي باشا رئيس أركان الجيش ومع هذا يعجب ناس حين يرونني أطيل القول في الثناء على العراق وأهل العراق

انتهت أيام المؤتمر، سقاها الغيث، ولكن جد ما لم يكن في الحسبان، فقد أذاع رئيس الجمعية الطبية العراقية أن البصرة هي المدينة التي ولدت فيها ليلى المريضة في العراق. وكنت خليقاً بأن أعرف ذلك من قبل، ولكن ليلى لم تحدثني عن وطنها الأول، ولم أسال عنه ظمياء، فرأيت الفرصة سانحة لأن أمضى مع أعضاء المؤتمر لرؤية الثرى المندى بالعطر والريحان، الثرى الطاهر الذي عرف النعيم يوم كان يتخطر فوقه ذلك القد الرشيق

<<  <  ج:
ص:  >  >>