إلى إذاعة ويتعمل التأنق والحذلقة متكلما بخليط من لغتين أو ثلاث - لا يكفي كل ذلك ليكون شخصية ممتازة ترهب هيبتها الأكوان
رسالة الأديب تعلمنا أن الحضارة الآلية التي ألفناها ولم يكن يحلم بها أجدادنا تجعلنا اليوم أشد احتياجاً منا في الماضي إلى ثقافة أدبية تدعم الحضارة الآلية وتكون لها ركناً ركيناً. وإن هذه الحضارة الآلية المنتقلة بسرعة من بلد إلى بلد ومن جيل إلى جيل، ننعم بها - ونشقى! - دون أن يكون لنا يد فيها. أما الثقافة الأدبية فيجب أن يحصلها كل فرد يوماً فيوماً، وساعة فساعة، مدى الحياة
رسالة الأديب تعلمنا أن للعالم العربي على تعدد أقطاره وحدة واحدة تشغل مكانا فسيحاً في القارتين الآسيوية والأفريقية. ويستطيع أن يقول هذا القول علماء الجغرافيا وعلماء التاريخ وغيرهم. ولكن للأديب فناً مغرياً ينيلنا الثقافة والفائدة، بينا نحن نرتع في بحبوحة من اللذة والمتعة في جو ممغنط أخاذ هو في الواقع جو الحياة
رسالة الأديب تعلمنا أن نفاخر بلغتنا العربية الممتازة على سائر اللغات بأنها ولدت قبل لغات قديمة اندثرت منذ قرون، وما زالت العربية تفيض حياة، مجارية حتى أحدث اللغات بالقوة والمرونة والجزالة والرشاقة. كل أمة تسعى الآن إلى نشر لغتها بين الأمم الأخرى، باذلة في سبيل ذلك المال والإغراء والدعاية والجهود. أما نحن فانتشار لغتنا شئ واقع، وميزتها هذه تربط بين الأقوام العربية برباط قوي جاعلة الفرد الواحد منا ملايين
رسالة الأديب تعلمنا كيف نخلق حضارة أدبية، إذ بها لا بغيرها تقاس مواهبنا، ويسبر غور طبيعتها، وهي التي تثبت وجودنا، وتنطلق بلساننا مترجمة عن مبلغ الإنسانية فينا
رسالة الأديب تعلمنا حب العزلة والسكون، وترجعنا عن الفخفخة وهوس الظهور، فنعتكف على أنفسنا نعالج ممكناتها للظفر بمحمود النتائج. فالسنبلة المتمايلة على صفحة المروج، حاملة بشائر الحياة، لا تولد حبتها ولا تنضج إلا في أحشاء الأرض، في جو الوحدة والهدوء والكتمان
رسالة الأديب تعلمنا ألا نخشى كارثة، ولا نتهيب مغامرة. كل زمن خطير في التاريخ كان زمن اضطراب وكوارث، وأعظم فوائد الإنسانية نجمت عن عصور العذاب والخطر. الخطر مرهف، ولا يعرف شأن ذي الشأن إلا يوم الكريهة. والعاصفة لا تقتلع إلا ضعيف