للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى الأديان والعقايد، أو إلى العادات. . وما يشتمل على المواد التي يتألف منها جسم الأرض وما يشتمل منها على الأجسام المشرحة مع كل أعضائها وأجهزتها حيث يتأمل الإنسان كل نواميس نموه منذ كونه دودة وليس بإنسان، إلى كونه إنسانا عظيما. . . وما يشتمل على العالم النباتي بكل طوايفه. . . أو العالم الحيواني بكل أجناسه وأنواعه. . . حتى يدرك نظام حيوة كل نوع وفرد، فيعلم أخيراً أن الحيوان كلما انتصب هيكله ارتفع نوعه. حتى إذا ما وقع رأسه عموداً على محور سلسلته كان إنساناً)

وقد رأى أن (هجوم الناس على العلوم والمعارف يشبه انحدارا الغدران من أعالي الجبال. فترى الأباء يسرعون إلى وضع أولادهم في المكاتب حالا بعد فطامهم (أي والله!).)

ومن أدق ما لاحظه المعلم فرنسيس اهتمام الفرنسيين بدراسة لغتهم، إذ يجب (أن يعلم كل منهم قواعد لغته وفهم أصولها. والذي يجهل ذلك يعتبر عندهم كالحيوان العديم النطق، لعدم معرفته صحة النطق. . . وكلما ازداد الشخص معرفة وتعميقاً بلغته، ازداد اعتباراً وكرامة وارتقاء، إلى أن يجعلوه قاضياً في محكمة اللغة أقرأ: '

وكيف يرى الخواجا فرنسيس الحلبي كل ذلك ولا يفكر في ضعة الشرق وانحطاطه، أو لا يقارن بين ما ينال العالم في فرنسا وبينما يصيب من له في الشرق (هوس في العلم، فيعيش مقطوع الخرج، وربما يحتقر ويهان. ولا يحصل على شيء من الجوايز سوى قول الناس عنه: هذا نحوي بارد، أو شاعر مشعر، أو بعرفينو، أو فلفوس. وإذا كان يروي شيئاً من التاريخ يقول عنه: هذا حكاكاتي). وخواجتنا العلامة لا يدعك تتساءل عن أصل هذه الكلمات، فهو يفتح قوساً ليقول لك بأنه (يوجد كثيرون يقبلون شاعر إلى مشعر، وعارف إلى بعرفينو، وفيلسوف إلى فلفوس، وحكاياتي (كذا!) إلى حكاكاتي!)

ولقد لاحظ رحالتنا والألم يحز في فؤاده أن مركز الطلبة غير محترم في باريس. وتفسير ذلك عنده (أنه ما لم يحصل الدارس أولا على شهادة مدرسية، فأنه لا يمكنه الحصول على ثمرة دراسته وجايزة أتعابه. كما أنه بدون رنين هذه الشهادة لا يسمع أحد به، فلا يوجد له اعتبار، وربما كان ساقطاً من أعين الناس لكونه دارساً. سيما إذا كان يدرس الطب أو الشريعة). وسترى أن طلبة الطب والحقوق في عصرنا إنما يحتفظون بسمعة قدمائهم السيئة. واليك تفسير الخواجا فرنسيس، وهو ينطبق في بعضه على العصر الحاضر:

<<  <  ج:
ص:  >  >>