والشجن، ويغص بآلام الأسى والحزن فهو من عيشه في سجن، ومن قصره في قبر، ومن ضميره في عناء، ومن ذكرياته في بلاء، ومن رعيته في شهود عليه بما قدمت يداه!!
أما انتيجونوس الذي ذهب بالطفلة وراء البحر، فقد اقلع في سفينة دفعتها الرياح، وما زالت تدفعها، حتى أرست على شاطئ بوهيميا! حيث يحكم الملك بوليكسينز بأمره. . . وهنا. . . نزل الرسول الشقي بالأميرة الصغيرة إلى البر وما كاد يصعد في حدوره حتى لمح غابة قريبة فجعل يدلف نحوها، وفي ذراعيه الوديعة المسكينة تبكي وتصيح من الجوع. . . أو. . . من هذا الصدر البارد الذي لم يعرف حنان الام، ولم يجش فيه لبنها ومحبتها!
وتحت دوحة باسقة وارفة الظلال وضع انتيجونوس الأميرة الصقلية، وعاد أدراجه إلى البحر. . . لكنه لم يبلغه. . . وكيف يبلغه وهذا الدب المنتقم قد ترصده، حتى إذا بعد عن الطفلة انقض عليه، واعمل فيه أنيابه ومخالبه، وطهر ظهر الأرض من روحه المظلمة الظالمة التي لا تعرف الحنان!
وذهب الدب بعد إذ اغتذى وشبع
وبرز من الغابة رجل راع مجدود طيب القلب كان مختبئاً ثمة من الدب؛ وكان بكاء الطفلة يحز في صدره ويذيبه وجداً عليها. . .
وأحتملها في يديه الرحيمتين، وراح ينظر في وجهها الصغير ويتعجب، وينظر إلى لفائف الحرير الجميل والدمقس المفتل ويطرب. . . ثم جلس ليصلح من شأنها ما علمته الأبوة الساذجة فاكتشف كنزا من در وياقوت وجوهر، وورقة كانت هرميون قد شبكتها في صدر ثوبها بدبوس وكتبت عليها. . . برديتا. . . وكليمات أخريات عرف منهن الراعي أن اسم لقيته برديتا وأنها من نسل الملوك الصيد
وخفق قلب الرجل واشتد وجيبه وابتسم للدنيا وابتسمت الدنيا له، وطبع قبلة على جبين الطفلة فسكنت. . . وهرول بها إلى كوخه. . . وهناك. . .