للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

وألوانها

المجتمع خصم للفرد

الفلاسفة والمؤرخون والنقاد

إن خير المؤلفين - في الفئة الواقعية - الناشدة للحقيقة لم يكونوا ذوي نزعة فردية. ولم تقدهم دراساتهم إلى نتائج كنتائج نيتشه، فالمجتمعات عندهم لا يقودها إلى الأمام رؤساء ولا رجال عبقرية؛ ولكن المجتمعات تصنع نفسها بنفسها وتذود عن نفسها بنفسها، لا بالعقل وحده لأنه قد يكون خاطئاً، ولا بالإرادة وقد تكون عمياء، ولكن بغريزة حية توفق الحياة الاجتماعية بوسائل الحياة وهي تنشأ من التقاليد، وهذه تستطيع بل ينبغي أن تتطور وأن تتحور! ولكن لا يمكن حذفها ولا قلبها دفعة واحدة كما أنه لا يمكن تبديل مناخ ولا صفة أرض ولا أخلاق ذرية ما. وإنما يجب أن نفهم هذه التقاليد عندما نرغب أن نفهم حياة شعب ما.

وهذه خلاصة آراء المؤرخين في ذلك العصر، ولا سيما (تين) الذي حاول أن يطبق هذه الآراء في كتابه (أصل فرنسا الحديثة) ففرنسا الحديثة ينبغي أن تكون وليدة فرنسا الغابرة، وهذه كانت بائسة ذليلة، ولكن يجب إيجاد علاج لها، وهذا العلاج إنما يستمد من تقاليدها وعاداتها لا من أفكار مجردة. إن فلاسفة القرن الثامن عشر قد أوجدوا (الخير لذاته) لكل الناس في أي قطر من الأقطار فلم يفض قولهم هذا إلا إلى نظم خيالية، فالذاهب المجردة لم تكن إلا كلمات عاجزة، إنها لم تولد الثورة ولكنها ولدت مملكة الذعر والرعب الأعمى، وفلاسفة القرن الثامن عشر وزملاؤهم الثائرون لم يحسنوا معرفة نظام الحياة الاجتماعية وهو المثابرة من أجل البقاء!

هنالك فلاسفة قد أخطئوا في تفكيرهم في المجتمعات على نسق تفكيرهم في العلوم المنطقية، إذ في الحقيقة ليس هنالك أفراد للعالم النفساني والروائي، ولا يغني فيهم أن نتكلم عن أثر البيئة فيهم، لأنهم ليسوا إلا جزءاً من البيئة، أو نقطة من مذهب هو جزء من القوات المؤثرة لا يمكن حله إلا بحل المذهب كله

يعلن (جابريال تاور) في كتابه (شرائع التقليد) و (الرأي والجماعات) بأن منط ق

<<  <  ج:
ص:  >  >>