للقضاء على العبودية؛ ذلك ما كان من أمره وإن لم يلق باله إلى ذلك الأمر. إن نفسه لتجيش بكراهة هذا النظام، وإن إنسانيته لتنفر بطبيعتها من تلك الوحشية، ثم إن قلبه الكبير ليتمنى أن يخلص هؤلاء التعساء مما هم فيه من عذاب ومذلة، وما ذلك لعمرك إن لم يكن هو الإرهاص؟
ولم يكن للعبيد حق حتى في الهجرة، وكان إذا أبعد أحدهم إلى إحدى الولايات الشمالية التي أطلقت العبيد أعيد إذا عرف إلى سيده ومالكه بأمر القانون فلا ينفعه الفرار إلا أن يفر إلى الموت. . .
ولقد أدى ما كان عليه العبيد إلى ظهور دعوة في الشمال إلى تحريرهم ولكن أصوات الداعين كانت خافتة، كما كان عددهم ضئيلا، إذ كانوا يحسون ما تنطوي عليه دعوتهم من جرأة، وكانوا لا يأمنون أن يأتيهم الموت من كل مكان، فأهل الشمال مع أنهم لم يتمسكوا بالعبيد يخشون أن تؤدي الدعوة إلى تحريرهم إلى القضاء على الاتحاد، وأهل الجنوب كانوا كما علمنا يرون حياتهم في بقاء العبيد. لذلك كان الداعون إلى التحرير عرضة لسخط الجانبين. ولقد حدث أن أصدر أحد الرجال من ذوي النفوس الكبيرة صحيفة تدعى (المحرر) كان يندد فيها بما يلاقي العبيد ويدعو إلى تحريرهم، أيام كان لنكولن في الحادية والعشرين من عمره، فلما اشتدت حملاته هاجمه الناس وحطموا دار الصحيفة وألقوا بأدوات الطباعة في مجرى مائي، ولفوا حبلا حول وسطه وسحبوه في الطرق تنكيلا به وزجراً لغيره
لذلك لم يكن عجباً أن تقدم الشكاوى إلى مجالس المقاطعات الشمالية يومئذ ضد حركة التحرير والداعين إليها خوفاً على الوحدة أن تتصدع. ولقد رأينا لنكولن يقدم احتجاجاً إلى مجلس مقاطعة الينوس هو وصديق له يدعى ستون وفيه يخطو خطوة جريئة فيعلن رأيه في صراحة قائلا إن مسألة العبيد لا تقوم على شيء من العدالة، ولكنه يشير إلى مراعاة القانون في النظر إلى تلك المسألة خوفاً على كيان الاتحاد
وهاهو ذا اليوم يختار عضواً للمؤتمر وهو في السابعة والثلاثين وقد عادت المعضلة تظهر بسبب ما حدث في تكساس ومحاولة ضمها إلى الولايات