للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الرافعي في البريد المستعجل ظهر ذلك اليوم، حتى أعلن عنها وبشر القراء أن ينشرها في غد. . . وشغلت من البلاغ ثلاث صفحات في يومين. . . وكان نقداً مُراً حامياً اجتمع فيه فن الرافعي، وثورة نفسه، وحدة طبعه، وحرارة بغضائه، ولكنه كان نقداً منزهاً عن العيب

أستطيع أن أقول ويقول معي كثير من أدباء العربية: أن هذه المقالة هي خير ما كتب الرافعي في نقد الشعر، وأقربها إلى المثال الصحيح، لولا هفوات قليلة يعفيه من تبعتها أنه إنسان!

من قرأ (على السَّفُّود) فعابه على الرافعي وأنزله غير ما كان ينزله من نفسه، فليقرأ مقال الرافعي في نقد (وحي الأربعين) ليرى الرأي المجرَّد في شعر الأستاذ العقاد عند الرافعي. . .

ومضى يوم واحد، وظهرت صحيفة الثلاثاء من جريدة الجهاد وفيها رد العقاد على الرافعي، وقد نفذ إليه من باب لم يحسب الرافعي حسابه، فتغير وجه الحق، ودارت المعركة حول محور جديد. . .

كان عنوان مقالة العقاد (أصنام الأدب) فيما أذكر، وكان مدار القول فيها هو الطعن على رجلين: هما إسماعيل مظهر، والمهزار الأصم مصطفى صادق الرافعي. وكان أكثرُها سباباً وشتيمة واقلها في الرد والدفاع. على أن العقاد لم يرد رأي الرافعي فيما أخذ عليه من مآخذ إلا في مواضع قليلة، وترك الرد في أكثر ما عاب عليه الرافعي، مستعيضاً على الرد بالشتم والسباب. . .!

وإذا كان السبب مفهوماً في طعن العقاد على الرافعي وشتيمته إياه، فأي سبب حمل العقاد على أن يشرك الأستاذ إسماعيل مظهر مع الرافعي فيما وجه إليه من الشتم والتهمة؟

جواب ذلك يفهمه من يعرف أن الأستاذ إسماعيل مظهر صاحب العصور، هو طابع كتاب (على السفود) وناشره ومروِّجه. أفنستطيع أن نحكم من هذا بأن العقاد لم يكن يعني الرد على مقال الرافعي الأخير وحده؛ ولكنه وجدها فرصة لتصفية الحساب القديم كله بينه وبين الرافعي وصاحبه الذي أغراه على كتابة (على السفود)

وكان الباب الذي نفذ منه العقاد في الطعن على الرافعي، هو اتهامه في وطنيته، وإيهام قرائه بأن الرافعي لم يكن لينقذه إلا لأنه هو العقاد السياسي الوفدي عدو الحكومة المتسلطة

<<  <  ج:
ص:  >  >>