تُرى مِمّ نجمت هذه البطالة؟ ومن هو المسئول عنها؟ أفي البلد أزمة اقتصادية عنيفة فهم لا يجدون فيها عيشا؟ وما بال أولئك (الأجانب) يملئون المتاجر والمصارف ويقومون بمختلف المشروعات وينجحون فيها كل النجاح؟ ألست ترى إلى الرومي أو غيره يدخل البلد فقيراً معدماً ثم يغدو بعد سنين صاحب متجر عظيم وملك أعظم؟ أن الخير في هذا البلد كثير، والعيش يسير، ولكن العيب وا أسفاه في المتعلم نفسه وما قد طُبع عليه من كره للعمل والعاملين، وعشق (للديوان) الثابت والراتب المضمون!! ولذلك يقول الدكتور (جاكسون): أن الخطأ إنما يقوم في روح التربية المعطاة وما يوحيه من أن المدرسة تأخذ بالأيدي من (الطين) حيث الجهد والنصب، إلى (المكتب) حيث الراحة والكلام!! ألست تسمع أنشودة (الوظيفة) من أمك وأبيك وأقاربك وذويك؟ ألست ترى (للموظف) قدراً في المجتمع دونه قدر التاجر أو الصانع أو الفلاح؟ ألست ترى طابع (الحكومة) يميز حامليه ويملأهم عجباً وتيهاً وزهواً وفخراً؟ ألست ترى حولك كثير من ممن يرون في (العمل) حطة لهم ولعائلاتهم مع أنه قد يكون السبيل الوحيد لمعاشهم؟ وأخيراً ألست تشاهد المئات من خريجي المدارس الزراعية والتجارية والصناعية يتكالبون على الوظائف الفنية وغير الفنية، مع أن الدولة قد أنفقت عليهم الألوف لتجعل منهم طبقة فنية راقية تأخذ بيد مرافق البلد الاقتصادية وترقيها، وتحررها من قيود الجهل والتقاليد، وتطبعها بالطابع القومي المنشود؟
٢ - العلاج
تلك إذاً هي (الفكرة الخاطئة) التي يجب أن نمحوها محواً بمختلف أساليب التربية والاقتصاد، لأن التربية لا تستطيع وحدها أن تصلح كل شيء. يجب أن نحسن الأسواق القائمة، وأن نفتح أسواقاً جديدة، وأن نعمل كما يقول الأستاذ جاكسون على زيادة (الطلب) ليرتفع أجر العامل ويغريه بالعمل وترك الحكومة، كما يجب كذلك أن نجعل مدارسنا الفنية مسلحة بكل تجديد كهربائي أو ميكانيكي لتستطيع أن تواجه حاجات العصر، وأن تصمد لمنافسة المحصولات الرخيصة التي تمطرنا بها أوربا وأمريكا واليابان، وأن نحول مدارسنا الإلزامية والابتدائية والثانوية إلى نظام آخر يسمح بكثير من (العمل) اليدوي ما