(بروكسيل) فكتب إليه السيد جمال الدين الأفغاني لما كان بينهما من روابط الصداقة أيام كانا في مصر، يشير عليه بالتوجه إلى لندرة ليتحدا في الدفاع عن حقوق الأمة ونصرة الدين. فاستصوب إبراهيم هذه الفكرة ولاسيما أنه كان غيوراً على دينه، شديد الحب لوطنه. فأبحر إلى (لندرة) وتسنى له التعرف هناك باللورد تشرشيل واللورد سالسبوري وأخذ يعاون السيد جمال الدين في تحرير (العروة الوثقى) وأنشأ لنفسه جريدة (الأنباء) ثم (عين زبيدة) وأفاض فيهما ولاء خالصاً للسلطان، وأظهر حرصاً على صيانة الدولة بانتقاده الشديد لسياسة غلادستون نحو الدولة العلية في ذاك الوقت
وبلغ مسامع السلطان عبد الحميد أمر هاتين الجريدتين فسر من خطة إبراهيم هذه وأرسل إليه يستقدمه بواسطة سفيره في لندرة
ولما كان إبراهيم بك لا يتوقع هذا العفو السريع سنة ١٣٠٣هـ - ١٨٨٥م ظن أنها مكيدة من السلطان ليتمكن بها من الانتقام منه، فامتنع من الذهاب إليه، وكلف ابنه السيد محمد بك المويلحي - الذي كان بصحبته في إنجلترا - السفر إلى استنبول ليستطلع جلية الأمر
فتوجه محمد بك إلى الآستانة عن رغبة والده، وأرسل إليه خطاباً يطمئنه فيه من جهة السلطان
فدخل إبراهيم بك الآستانة وكتب إلى جلالة السلطان الخطاب الآتي يشكره فيه على عفوه عنه ويعتذر عن تأخره في المثول بين يدي جلالته:(المعروض على سدة أمير المؤمنين، وخليفة رسول رب العالمين، أن العبد لا يصف عفو أمير المؤمنين إلا كما قيل لأخ جلالتكم في الخلافة المعتصم العباسي: (لو علم الناس ما تجدون من اللذة في العفو لتقربوا إليكم بالذنوب). والحمد لله على تلك النعمة التي أسداها أمير المؤمنين لعبده الصادق. وإنما كان تأخيري عن التشرف بسدة الخلافة لأمور هامة في فائدة الدولة والملة قد تم بعضها. وإني ألتمس أن أعرضها على ذات مولانا المقدسة حفظها الله للإسلام)
وبعد أيام طلب السلطان مثوله بين يديه، فأكرم مقابلته وعينه عضواً في مجلس (انجمن المعارف) سنة ١٣٠٣هـ - ١٨٨٥م. وكان ناظرها وقتئذ العالم الجليل المغفور له صاحب الدولة منيف باشا، فقدر إبراهيم حق قدره، وقربه إليه وعرفه بالشيخ الشنقيطي اللغوي الشهير